وجه عدم الورود: أن المفروض والمراد من استعمال اللفظ في أكثر من معنى إرادة كل من المعنيين أو المعاني مستقلا لا مجتمعا، فلا محالة كان اللفظ مستعملا في كل من المعاني بنفسه ومستقلا كما لو لم يستعمل إلا فيه، وحينئذ فقد اخذ من كل من المعاني قيد الوحدة، وكان الأمر كما أفاده المعالم. هذا.
ثم إنه قد يتوهم دلالة الأخبار الواردة على أن للقرآن ظهرا وبطنا، أو أن له بطونا (1) على أن ألفاظه قد استعملت في هذا الظهر وهذه البطون، فكان استعمالا في أكثر من معنى.
لكن من المعلوم عدم دلالة شئ من هذه الأخبار على أن كيفية الأمر في هذه البطون من باب الاستعمال في أكثر من معنى، بل إن بعض هذه الأخبار دل على أن ظهره هو مورد نزول الآيات، وبطنه - ما سيأتي - مما هو أيضا مصداق لها كموردها، أو أن بطنها وبطونها ما يتجدد لها من المصاديق في الأزمنة الآتية بعد نزولها، وهي التأويلات التي لها، ومن الواضح في مثلها أن المستعمل فيه معنى واحد كلي، مضافا إلى ما في الكفاية (2): من أنه لعله كان بإرادتها في أنفسها حال استعمال اللفظ في معناه، إلى غير ذلك، فانظر إلى ما ورد في قوله تعالى: * (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين) * (3) الأمر الثالث عشر المشتق هل المشتق حقيقة في خصوص معنى لا ينطبق إلا على ما تلبس بالمبدأ في الحال، أم هو حقيقة في معنى يعمه وما انقضى المبدأ عنه؟ فيه خلاف بعد الاتفاق على أن إطلاقه على ما لم يتلبس به بعد مجاز.
ولتوضيح عنوان البحث تقدم أمور: