يجب أن يحقق نفسه هذا الأمر المقدمة حتى يكون ما أتى به من العمل الواجب واجدا لما هو شرطه.
وإما مقدمة العلم فهي أيضا غير سائر الأقسام، إلا أن خروجها عن محل النزاع واضح مذكور في كلمات الأعلام فراجعها.
ومنها: تقسيمها إلى المتقدمة والمقارنة والمتأخرة:
وهنا إشكال مشهور في المتقدمة والمتأخرة، والكلام وإن كان في مقدمة الواجب، إلا أنه تبعا للأعلام وتعميما للفائدة نبحث عن مقدمات التكليف والوضع أيضا.
فنقول: لا شك في حكم العقل بوجوب مقارنة المعلول لعلته التامة بجميع أجزائها زمانا - في الزمانيات - وتأخره عنها رتبة، فإن المعلول أثر لعلته وموجود بها، ويمتنع بداهة وجود الأثر والمؤثر غير موجود، كما يمتنع تأثير المعدوم الذي هو لا شئ محض وبطلان صرف في أمر وجودي، وعليه فإذا كان تمامية العلة مشروطة بشرط لا تتم عليتها إلا به، فلو لم يكن هذا الشرط موجودا عند وجود المعلول وحدوثه، لامتنع تحقق المعلول، لفرض عدم تمامية ذات العلة الموجودة، وامتناع تحقق معلولها مع عدم تماميتها، فإنه مساوق لأحد أمور: إما تأثير العلة الناقصة والمفروض أنها ليست تامة قابلة للتأثير، وإما تأثيرها بملاحظة الشرط المفقود، ومعلوم أن الأمر العدمي لاحظ له في حصول موجود أصلا، وإما تحققه بلا علة، وبطلانه بديهي، وحينئذ يشكل الأمر في بعض الشرائط الشرعية للأحكام أو متعلقها، مما يتأخر عن زمان نفس الحكم أو متعلقه، أو يتقدم عليه:
أما في الأحكام التكليفية والوضعية - فإنه يلزم وجودها وشرطها غير موجود، كما في الإجازة بناء على الكشف، بل النقل أيضا، فإنه يلزم تأثير العقد في الملكية، وهو نفسه غير موجود، كما على النقل، أو شرطه غير موجود، كما على الكشف، ومثله ما إذا قال المولى: " إن جاء زيد يوم الجمعة يجب عليك تهيئة تشريفاته يوم الخميس " - مع فرض أن المولى نفسه يباشر تشريفه وإكرامه - فإن الوجوب مشروط بالمجئ المتأخر، فوجوده قبل تحقق شرطه يلزمه المحذور والمزبور.