أقول: إنا وإن تعقلنا الجامع بين الأفراد المختلفة في الأجزاء والشرائط في مبحث الصحيح والأعم وقلنا: إن العرف في الماهيات المركبة بارتكازه قائل بالتشكيك، بحيث يكون الفاقد لشرط أو جزء مصداقا لماهية، والواجد بما أنه مشتمل على الجزء أيضا يكون مصداقا ذاتيا لها، وإن كان هذا راجعا بحسب الدقة العقلية الغير المتبعة إلى الترديد في اجزاء الماهية إلا أنه إنما يصحح إمكان تعلق أمر واحد بهذا الجامع، بحيث لا يكون شئ من خصوصيات الأفراد بما أنها خصوصية مأمورا بها، بل يكون تمام الموضوع لأمره وتمام المطلوب له نفس الجامع، ويلزمه تخيير المكلف بين جميع المراتب، فله اختيار أي مصداق يشاء.
وأما إذا كان المطلوب الواقعي من المكلف في حالة خصوص ما كان واجدا لاجزاء، وفي أخرى ما كان واجدا لأقل منه أو أكثر - كما في السفر والحضر والاختيار والمراتب المتصورة من الاضطرار - فإن المطلوب الجدي في كل من هذه الحالات هذا الكلي واجدا الأجزاء لا يصح بدونها، وإن صح بدونها، بل ولم يصح معها في حالة أخرى، فمع هذا الافتراق فكيف يصح القول بأن المطلوب الجدي أمر واحد ببعث واحد جدي؟ وكيف يمكن تعلق إرادة واحدة بالفاقد والواجد - بما أنه واجد - لا بالكلي المشترك؟ وحينئذ وإن قلنا بصحة استقلال الأجزاء في الجعل إلا أن تعلق بعث واحد بحسب الجد بجميع المراتب ممتنع. نعم، في عالم الإنشاء ومقام الألفاظ يمكن أن يعبر عنها بعنوان جامع، وقد يترتب عليه في مقام الاستنباط ثمرة مهمة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
إذا عرفت هذا فنقول: إنه من المتعارف في ما بين العقلاء أن يعلقوا الأمر والطلب بجامع كلي بين أفراد مختلفة جزءا ووصفا، ثم يعتبروا لهذا الجامع شرطا أو جزءا لمكلف أو في حالة، وشرطا أو جزءا آخر لمكلف آخر وحالة أخرى...
وهكذا، لكن بلسان أن على المكلف في هذه الحالة إيجاد ذلك الكلي بهذه الخصوصية، ولذلك نفهم أن المطلوب الأصيل إنما هو إيجاد ذلك المعنى الكلي بنحو صرف الوجود منه، فلا يجب إلا إيجاد فرد واحد منه وإن اختلفت أجزاؤه