وأنت تعلم أن الاستعمال أعم من الحقيقة، وأن أصالة الحقيقة لا يستند إليها في ما إذا كان المراد معلوما، ولم يعلم كيفية الإرادة، وأنها بنحو المجاز أو الحقيقة.
كما أن الاستدلال للصحيح بأن الوضع له طريقة المخترعين - والظاهر أن الشارع لم يتخط طريقتهم - ممنوع، بمنع ثبوت هذه الطريقة لهم، بشهادة صحة إطلاق لفظ مخترعهم على ما كان فاقدا لبعض الأجزاء أو الشرائط الدخيلة في فعلية الأثر المطلوب من اختراعهم.
ومثله الاستدلال للأعم: بأنه لا شبهة في صحة تعلق النذر وشبهه بترك العبادة المكروهة، كما لا شبهة في حصول الحنث لو فعلها، مع أنها لو كانت موضوعة لخصوص الصحيح لما حصل الحنث، لأنها تفسد مع تعلق النذر بتركها.
وذلك لوجوه.
أما أولا: فلأنه تابع لقصد الناذر، ولا ربط له بالوضع، فلو قلنا بالأعم ونذر ترك عبادة صحيحة لكان الامر كما ذكر، وأما فتوى الأصحاب فهي ناظرة أيضا إلى ما يصدر عن الناذرين، فإنهم ينذرون ترك ما كانت عبادة صحيحة مكروهة لولا النذر، وتركه راجح شرعا ويصح نذره، وإن كان النذر يوجب فساده كما أفيد.
وثانيا: أنا نمنع بطلان العبادة حتى مع نذر تركها أو الحلف أو العهد به، وذلك أنها بعنوان نفسها مأمور بها كما هو المفروض، وبعد تعلق النذر يصير الوفاء بالنذر واجبا، ويكون فعل العبادة عصيانا لهذا الأمر المتعلق بعنوان الوفاء، فقد تعنون الصلاة بعنوان مخالفة النذر، وعنوان الصلاة التي عنوانها الذاتي، فبناء على القول بصحة العبادة في المجمع في مبحث اجتماع الأمر والنهي - كما هو التحقيق - تكون العبادة هنا بعد النذر أيضا صحيحة. إلى غير ذلك مما لا حاجة إلى ذكره، فراجع.
وينبغي التنبيه على أمور:
الأول: هل نزاع الصحيحي والأعمي يجري في أسماء المعاملات؟
قال في الكفاية: إن أسامي المعاملات إن كانت موضوعة للمسببات فلا مجال