إلا أن بقاء هذا العنوان الاشتقاقي يختلف فيه القولان: فعلى خصوص المتلبس يختص صدقه بزمان بقاء المبدأ، وأما على القول بالأعم فيبقى فعلية صدقه حتى بعد انقضاء المبدأ عنه أيضا، فلا محالة تظهر ثمرة القولين.
وثانيا: أنه لو صححنا عبارته وقلنا بأن مراده (قدس سره) أن فعلية الأحكام تدور مدار فعلية مبدأ الاشتقاق حدوثا وبقاء لقلنا: إن ما أفاده من أن أدلة الأحكام دائما من هذا القبيل ممنوع، بل يكفي لترتب الثمرة أن يكون مدلول قضية ولو ببركة قرينة خاصة أن الحكم دائر مدار صدق العنوان الاشتقاقي، فتظهر فيه ثمرة القولين كما عرفت.
الثاني: في بساطة مفهوم المشتق وتركبه:
إن المراد بتركب مفهوم المشتق كما يظهر من كلماتهم: أن يكون مدلوله الأولي ذاتا ثبت لها المبدأ حتى يكون مفهوم العالم ابتداء وتحت لفظه " ذاتا ثبت له العلم "، فيقابله حينئذ أن يقال: إن المفهوم الأولي منه بسيط كما نعقله من مرادفه، أعني لفظة " دانا، دانشمند "، وإن كان ينحل بداهة عند السؤال عن شرحه إلى ما مر، أعني ذاتا ثبت لها العلم.
فليس المراد بالبساطة مثل بساطة النوع الحقيقي المنحل إلى جنس وفصل لكي يقال: إنه عنوان انتزاعي ليس من قبيل المقولات ولا الكليات الخمسة، فلا يراد بها بساطة الأنواع المركبة من الجنس والفصل، والمادة والصورة، فضلا عن البسائط الخارجية كالأعراض، وعن الجواهر المجردات، وعن البسيط الحقيقي الذي لا تركب فيه بوجه كالواجب تعالى شأنه.
وحينئذ فالدليل على بساطة مفهوم المشتق هو الرجوع إلى ما يتبادر منه في الأذهان، فإنه الطريق الأصيل لفهم معنى الألفاظ مادة وهيأة، ومنها المشتقات.