المبحث السادس الأمر الواقع عقيب الحظر هل يوجب وقوعه عقيب الحظر أو توهمه خروجه عما يقتضيه لو خلي وطبعه؟ فيه خلاف.
ولا يبعد أن يقال: إن المادة المبعوث إليها إن كانت بطبعها مقتضية لحكم من الأحكام الأربعة غير المحرمة ثم نهي عنها في زمان ثم أمر بها فلا يفهم من هذا الأمر عرفا سوى رفع المنع الطارئ، فترجع المادة إلى حكمها الأصلي. وأما إن لم تكن لها طبيعة خاصة بل كانت قد يؤمر بها وقد ينهى عنها إلى غير ذلك فالظاهر أن الأمر المتعلق بها حينئذ ظاهر فيما كان ظاهرا فيه لولا الحظر. وإن لم يعلم حال الطبيعة أهي من هذا القبيل أم ذاك؟ فلا بد من الرجوع إلى القرائن الخاصة، بل لابد من رعايتها لو كانت على أي حال.
المبحث السابع في المرة والتكرار هل إطلاق الصيغة يقتضي المرة أو التكرار، أو لا يقتضي شيئا منهما؟ قبل الخوض في أصل المطلب لا بأس بالتنبيه على أمرين:
الأول: هل هذا النزاع في مفاد الهيأة أو المادة؟ قد يقال كما في الفصول: إن اتفاق العلماء - كما عن السكاكي - على دلالة المصدر المجرد عن اللام والتنوين على نفس الماهية (1)، يدل على أن النزاع بينها في مفاد الهيأة، إما لأن المصدر أصل سائر المشتقات التي منها الأمر كما في الفصول (2)، وإما لاشتراك جميع المشتقات في المادة، فإذا لم تدل على المرة والتكرار في صيغة لم تدل عليهما في غيرها، أيضا. كما في تقرير بعض المحققين (3).