الحاكم بأن ذات المخاطب تمام موضوع لمتعلق الحكم، ولما يتوقف عليه فعليته، فلا محالة يكون الوجوب كفائيا.
وحيث إن للوجوب المتعلق بالمكلف إطلاقا بحسب أحوال المكلف والأزمان المختلفة، ومنها أن يأتي المكلف بما يحتمل ان يكون عدلا تخييريا لما أوجبه عليه - أعني صلاة الركعتين - فإطلاق تعلق الوجوب بذات المكلف يقتضي أن يكون كاللازم لوجوده، يدور معه مهما دار، فيثبت معه وإن أتى بالمحتمل العدلية، فيلزمه كون الوجوب تعيينيا، فكما عرفت من أن إطلاق قوله: " صل خلف العادل " يقتضي بقاء حكم جواز الصلاة خلفه في الأحوال أو الأزمان المختلفة، فهكذا إطلاق قوله: " صل ركعتين " هاهنا، ويمكن إجراء هذا البيان لاستفادة عينية الوجوب أيضا، كما لا يخفى.
فتحصل أن الظاهر أن مقتضى اجراء المقدمات في جميع الموارد شئ واحد هو أن ما يجري مقدمات الإطلاق له هو تمام ماله الدخل في المعنى، وفي الدخل في الحكم الذي له الدخل فيه، وربما يكون له لوازم، منها استفادة العموم البدلي أو الشمولي، ومنها استفادة خصوص قسم خاص من الأفراد كما في ما نحن فيه. والله العالم العاصم.
التاسع: في تقرير بحث بعض الأعاظم (1) (قدس سره) ما حاصله: أن التقابل بين الإطلاق والتقييد ليس تقابل السلب والإيجاب، إذ في هذا التقابل يمتنع اجتماع المتقابلين وارتفاعهما، مع أن الإطلاق والتقييد ليسا كذلك، لإمكان ارتفاعهما عن المحل الغير القابل لهما - كما في الانقسامات اللاحقة عن تعلق الحكم كالعلم والجهل - وذلك أنه لا ريب في امتناع التقييد بها، وإذا امتنع التقييد، امتنع الإطلاق أيضا، لأن الإطلاق عبارة عن تساوي هذا القيد وعدمه، فإذا امتنع لحاظ نفس التقييد امتنع لحاظ التسوية أيضا، فلا بد من قابلية المحل لهما حتى يتصف بأحدهما، فإن كانا ثبوتيين - كما على مسلك المشهور - كان التقابل من التضاد،