في ما كان الموضوع له كليا.
وإذا كان جزئيا فيدعى أن المورد المخصوص نفس ذاك الجزئي الذي هو الموضوع له، فيطلق عليه بعد ادعاء أنه، هو بعينه.
وفي غير مورد الاستعارة أيضا يكون هناك أيضا ادعاء آخر، هو العمدة والمقصود في تلك الاستعمالات، فبملاحظة أن مطر السماء في الوقت المناسب يستتبع إنبات النباتات يقال: " أمطرت السماء نباتا " فقد ادعي أن السماء قد أمطرت النبات من دون أن يكون مآله إلى أن كلا من قطرات المطر نبات. وبعد ادعاء وضوح الأمر للجمادات أيضا يقال: " فاسأل القرية التي كنا فيها "، ويقول:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم والشاهد عليه: هو الارتكاز الصحيح العرفي، وأنه لولاه لما صح التعجب أو النهي عنه في الأبيات المتقدمة، ولما كان من الدقائق المعجبة أثر ورائحة أصلا، وهو خلاف البداهة قطعا، فإن المجازات مبنية على تلك الادعاءات، وهي من باب التلاعب بالمعاني، كما لا يخفى.
وعليه فلا يحتاج الاستعمال المجازي إلى وضع آخر، لأن الألفاظ معه أيضا تستعمل في نفس ما وضعت له، غاية الأمر أنه مقرون بالادعاء المذكور، وبه قوام مجازية الاستعمال.
الأمر الرابع إطلاق اللفظ وإرادة اللفظ لا ريب في أنه قد تستعمل ألفاظ لا يراد بها معانيها الموضوعة لها، لا حقيقة، ولا ادعاء ومجازا، بل إما يراد نفس شخص اللفظ، كما إذا قيل: " زيد لفظ " مرادا به نفس شخص ما تلفظ به. وإما يراد مثله، كما إذا تكلم مخاطبك بجملة " جاء زيد " فتقول له: " زيد في ما تكلمت به فاعل " وإما يراد صنفه، كما إذا قلت: " مهما قيل جاء زيد فزيد فاعل "، وإما يراد نوعه، كما إذا قيل: " زيد اسم "، فهذه