وشرائطه بحسب المكلفين أو حالات مكلف واحد، ولا ينافي هذا أن يكون - بحسب عالم الثبوت - كل من هذه المراتب مأمورا بأمر انحلالي خاص وإرادة مخصوصة، كما لا يخفى.
وحينئذ فنقول: إن كان المأمور به الاختياري والاضطراري بحسب ظواهر الأدلة من هذا القبيل فلا ينبغي الريب في الإجزاء قضاء وإعادة، إذ المفهوم منها حينئذ عرفا أن الواجب هو ذلك المعنى الكلي لا غير، وأن على المكلف إيجاده في حالة الاختيار في ضمن الفرد الاختياري، وفي حالة الاضطرار في ضمن الفرد الاضطراري، وأن أدلة الاختياري والاضطراري إنما تدل على اشتراط ذلك الكلي في هذه الحالة بهذا الشرط أو الجزء، وفي تلك الحالة بشرط أو جزء آخر.
ولا فرق بين أن يفهم طلب هذا الكلي الواحد بدلالة المطابقة من دليل فوق سائر الأدلة، كما في باب الصلاة والصوم والغسل والوضوء وغيرها، وأن يفهم بدلالة مفهومية التزامية كما في قوله تعالى: * (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا... فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا) * (1) فإن المفهوم منه عرفا أنه تعالى بصدد جعل الكفارة على المظاهر، وايجاب الجريمة عليه بالترتيب المذكور، فإذا أدى جريمته بحسب حاله ثم تمكن مما فوقها فهو قد عمل بوظيفته لا سبيل عليه أصلا، لا بالإعادة وهو واضح، ولا بالقضاء، وذلك: أما إذا رتب وجوبه على فوت الجامع فواضح، وأما إذا رتب على فوت المرتبة العالية فلأن ظاهر دليله حينئذ أيضا إيجابه على من لم يأت به مع أنه كان وظيفته الفعلية، لا من لم يأت به، لأن المولى اكتفى عنه ببدله. هذا.
وإن كان العمل الاختياري والاضطراري غير داخل عرفا تحت جامع واحد، بل إنما أمر بالاختياري مع الإمكان وبالاضطراري مع العجز عنه فحينئذ فإن كان دليل الاضطراري بلسان التنزيل وأنه بمنزلة الاختياري لمن لم يتمكن منه