ذاتا، بل مبغوضيتها عرضية أو غيرية، فالمولى إن نهى عنها فلمكان أنه يحب فعلا ضده، وإلا فهي بنفسها في كمال المحبوبية ليس يبغضها أصلا، ومثل هذه المبغوضية لا ينبغي أن تسمى مبغوضية، وعلى أي حال فلا تمنع عن التقرب بمتعلقها أصلا، فسواء قلنا: بأن الضد منهي عنه، أو قلنا: بأنه مبغوض لو التفت إليه، أو لا هذا ولا ذاك، فهو صحيح إذا كانت عبادة على الاحتمالات كلها.
وأنكر شيخنا البهائي (قدس سره) ترتب هذه الثمرة من طريق آخر: وهو أن الضد العبادي باطل على جميع الاحتمالات، وذلك أن صحة كل عبادة مشروطة بكونها مأمورا بها، والأمر بالشئ وإن لم يقتض النهي عن ضده، إلا أنه لا أقل من أن يقتضي عدم الأمر به، ضرورة عدم امكان الأمر بالضدين في زمان واحد، ولازمه فقدان العبادة لشرطها أعني الأمر المحقق للامتثال، فتكون باطلة مطلقا وينتفي الثمرة.
ورد انكاره بطرق أربعة:
اثنان منها مبتنية على تسلم عدم الأمر بالضد، والآخران اثبات لكونه أيضا مع ذلك مأمورا به.
أما الأولان فأحدهما: ما في الكفاية من عدم ابتناء صحة العبادة على تعلق الأمر بها، بل إنما يعتبر فيها أن يؤتى بها لله تبارك وتعالى، ويكفي في حصول هذا القصد أن تكون حاوية لملاك تعلق به حبه تعالى، كما لعله من الواضحات، ومعلوم أن الضد الذي لم يؤمر به لمكان ابتلائه بالأهم أو الفوري أو المضيق فقط لا ينقص عن ملاكه شئ، غاية الأمر أنه لا يؤمر به لعدم امكان التكليف والخطاب. بل يمكن كشف قيام الملاك به فيما إذا كان موسعا من طريق اطلاق مادة أمره، وذلك أن مقتضى إطلاقها أن تمام الموضوع لأمر المولى إنما هو نفس طبيعة العمل الضد، وليس مقيدا بكونها واقعة في غير زمان ضدها الفوري أو المضيق، وغاية ما يقتضيه فوريته أو تضيقه أن لا يكون خصوص ما يقع منها في زمان ضدها مأمورا بها، لكنه لا يقتضي ورود قيد على الطبيعة الموضوعة للأمر، بل هي باقية