بالعموم في ما ليس فيه حجة.
الثالث: إذا ورد على شخص معين حكم يخالف حكم العام، كما إذا حكم على زيد بعدم وجوب الاكرام، وشك في أنه من أفراد العام وعالم حتى يكون تخصيصا في عموم أكرم العلماء، أو هو ليس من العلماء فلا يكون تخصيصا فيه.
فهل يجوز التمسك بالعام، واحراز أنه ليس من أفراده، ببيان أنه إذا كان كل عالم - مثلا - يجب إكرامه، فلا محالة من لا يجب إكرامه فليس بعالم، تحفظا على عموم العام - كما هو مقتضى عكس النقيض -؟
قال في الكفاية: " فيه اشكال: لاحتمال اختصاص حجيتها بما إذا شك في كون فرد العام محكوما بحكمه، كما هو قضية عمومه " والظاهر أن مراده احتمال اختصاص حجيتها بما إذا شك في حكم الشخص، لا في مثل، ما نحن فيه مما نعلم حكمه، وإنما يشك في كيفية محكوميته بهذا الحكم، هل هو من باب التخصيص أم لا؟ فلا يرد عليه أنا بالمآل نشك في أنه هل أراد المولى اكرام جميع العلماء أو لا؟
فإن هذا الشك إذا آل إلى الشك في حكم فرد مفروض الفردية يصح التمسك بالعموم لكشف حكمه، وإلا فمحل اشكال.
الرابع: إذا ورد في كلام المولى " لا يجب أن تكرم زيدا " ولم يعلم المراد من زيد؟ أهو زيد العالم حتى يكون تخصيصا في عموم " أكرم العلماء " أو زيد الجاهل حتى لا يرد عليه تخصيص، فحيث نشك في حكم زيد العالم، فلا ينبغي الريب في جواز التمسك بالعموم لرفع الشك في حكمه، فيحكم عليه بوجوب الاكرام، لكنه هل يرفع به اجمال قوله: " لا يجب ان تكرم زيدا " فيعلم به أن المراد منه زيد الجاهل أم لا؟ ظاهر كلام الكفاية ذيل الأمر السابق رفع اجماله به، لتسليمه حجية مثبتات الأصول اللفظية، وهو صريح التقريرات ومختار سيدنا الأستاذ - دام ظله - إلا أنه محل تأمل وتردد، لعدم تسلم أن سيرة العقلاء هاهنا عليه.
ولو قلنا: برفع الإجمال عنه فلو قال: " لا تكرم زيدا " لكان زيد العالم واجب الإكرام بمقتضى العموم، وزيد الجاهل محرم الإكرام، لرفع الإجمال عن متعلق النهي بالعموم، كما لا يخفى.