على الذات، وإن لم يصح في سائر الموارد، لوجود الاتحاد الذي هو ملاك الحمل هنا دون سائر الموارد، فالله تعالى علم وحياة وقدرة وسمع وبصر، كما أنه تعالى عالم حي قادر سميع بصير.
ثانيهما: إذا قلنا بأن الأعراض مرتبة من حقيقة الجواهر وجلوة من جلواتها، وأنكرنا لهما وجودا زائدا على وجود الجواهر فلا محالة تتحد الأعراض في الوجود معها، وصح حملها عليها، فكما أن الإنسان علم - بناء على اتحاد العقل والعاقل والمعقول - فهكذا على هذه المقالة " الماء حرارة والإنسان جلوس " إلى غير ذلك. نعم، تبقى المبادئ التي حقيقتها ليست إلا مفاهيم انتزاعية، كالإمكان والعلية، وكل ما كان من قبيل الخارج المحمول، فالمبادئ فيها معان خارجة عن الذات زائدة عليها غير متحدة بها، فلا يصح الحمل فيها، لعدم وجود ملاكه الذي هو الاتحاد في الوجود.
الأمر الرابع:
إن مفاد القضايا الحملية المصطلحة إنما هو اتحاد الموضوع والمحمول فلا يحتاج صدقها إلى أزيد من هذا الاتحاد، ولا تحتاج إلى المغايرة أصلا. نعم، كونها مفيدة لفائدة ربما يحتاج إلى تغاير ما: إما تغايرا في وجود مبدأ المحمول مع الموضوع كما في حمل المشتقات التي مبادئها الأعراض، وإما تغايرا في مفهومه في عين العينية الوجودية كما في صفات الذات، فإن التغاير المفهومي يوجب عدم التفات الذهن إلى معنى الصفات، فكان الحمل مفيدا لفائدة، وربما كانت هذه الفائدة فيما أريد التزاما من الحمل، كما في قضية " الإنسان إنسان " مرادا بها أن ليس سوى الإنسانية في مرتبة ذات الإنسان.
فما اشتهر: من أن حمل هو هو يحتاج إلى الاتحاد من وجه، والمغايرة من وجه، فليست الحاجة إليهما على حد سواء، فإن قوام الحمل بالاتحاد ليس إلا، وأما المغايرة فربما يحتاج إليها في الإفادة، وإلا فالحمل صحيح بلا أي شرط.