بأن ذلك الشئ الذي ليس إلا متن ما في الخارج - إذا تحقق - موجود في ظرف النسبة، أو معدوم، أو ممتنع التحقق والوجود، فمعنى قولنا: " زيد معدوم " أن ذاك الشخص الخارجي الذي ملأ وجوده فراغه معدوم فعلا فلا أثر له في هذا الظرف.
وأما وقوع الوضع العام والموضوع له الخاص فقد قيل بأنه وضع الحروف وما يتضمن معنى حرفيا، ولذلك فلا بد من تحقيق حقيقة المعاني الحرفية أولا حتى يتبين به نوع وضعها.
المعاني الحرفية:
إن الأقوال الرئيسية في معاني الحروف ثلاثة:
الأول: إنه لا معنى لها تحت لفظها، وإنما هي علامات على إرادة معنى خاص من متعلقاتها كما في الرفع الذي هو علامة الفاعل.
وهذا القول واضح البطلان، كما ينادي به الوجدان، فإنه لا يشك أحد في أن الحروف أيضا تلقي معانيها وتكون فانية فيها ومغفولا عنها حين استعمالها كما في الأسماء حرفا بحرف.
القول الثاني: إن معنى الحروف هو بعينه معنى الأسماء، فلفظة " من " و " الابتداء " وضعتا لمعنى واحد، غاية الأمر أن الواضع لم يجعل علقة الوضع بين الحرف ومعناه إلا إذا كان ذلك المعنى قد لوحظ لتعرف حال ما يتعلق به، كما لم يجعلها في الأسامي إلا إذا كان ذاك المعنى ملحوظا لتعرف حال نفسه، ولذلك كان استعمال كل منهما موضع الآخر استعمالا خارجا عن محدودة الوضع، وهذا القول ظاهر كلام صاحب الكفاية (1).
ويدفعه أيضا مراجعة الوجدان، فإن المفهوم لكل أحد من الحروف والمتبادر منها معان ناقصة ذوات تعلق بغيرها، بخلافه في الأسماء فإن المتبادر منها معنى كامل في مقام المفهوم والتصور لا يحتاج إلى أمر آخر يتم نقصه ويبين متعلقه.