وفيه: أنه لما كان المفروض استعمال العام في جميع الأفراد، وإلقاء جميع مصاديقه باستعماله، والمفروض أنه لم يرد أن البعض هو الكل ادعاء، فلا نتصور بعد ذينك الأمرين الا أن لا يكون جده إلى تمام هذه الأفراد، فيخالف مقتضى أصالة الجد للمراد الاستعمالي، فهو وإن أراد وألقى باستعماله جميع الأفراد، إلا أن غرضه الأصيل متعلق ببعضها، فهذا بعينه هو مراد الكفاية، مع أن هذا العظيم (قدس سره) بصدد رده وابداء وجه آخر، فراجع وتدبر جيدا.
وفي نهاية الدراية (1) بعد الاشكال على ما في الكفاية، بما هو مردود بما ذكرناه عن سيدنا العلامة الأستاذ الأعظم - مد ظله العالي - قال ما حاصله: أن المخصص إذا ورد قبل حضور العمل بالعام، فهو بضميمة العام مبين لموضوع حكم المولى، وأما إذا ورد بعد حضور وقته فالعام يحمل على عمومه جدا، إلا أن ملاك جعل الحكم في افراد المخصص مصلحة ثانوية ينتهي أمدها بقيام المخصص.
وفيه أولا: أن مفاد المخصص أن مضمونه هو حكم الله الواقعي من أول الشريعة، فيعارض ظهور العموم الظاهر في أن حكمه تعالى الواقعي، هو ما تضمنه، فيجمع عرفا بينهما بإخراج موارد المخصص من الأول.
وثانيا: أن إنشاءه إن لم يعم أفراد المخصص - كما يظهر من أول كلامه - فهو أول الكلام، إذ الخصم يدعي أن العام يصير حينئذ مجملا، والمخصص ليس قرينة إلا على إخراج ما تضمنه، لا وعلى دخول ما بقي، وإن عم جميع الأفراد كما هو ظاهر ذيله، فيعود الإشكال والسؤال عن الداعي.
والإنصاف: أنه (قدس سره) حيث لم يتيسر له التصديق بما في الكفاية، لانقداح اشكال عقلي في ذهنه الشريف، التزم بهذا التفصيل والتكلف، وإلا فالأمر واضح بحمد الله تعالى.
ثم إنه (قدس سره) على تسليم مجازية العام المخصص وجه كلام الشيخ (قدس سره) بما حاصله: أن دلالة العام ثابتة على كل واحد من الأفراد بنحو الدلالة التضمنية، فهنا