موجود مع كل فرد وفي كل حال، فالمتكلم يحكي عن مراده بالألفاظ، والألفاظ لا تدل إلا على نفس المعاني لا على الافراد والأحوال، فلا محالة يكون موضوع حكمه نفس المعاني لا أفرادها وأحوالها، وللكلام صلة تأتي في الأمر التالي.
الثالث: قسموا الإطلاق إلى بدلي وشمولي، فالأول: ما يكتفي في امتثال حكمه بفرد واحد، ويستوي فيه جميع أفراد المطلق، والثاني: ما يعم حكمه جميع أفراد المطلق في عرض واحد، مثال الأول: أكرم عالما، ومثال الثاني: أكرم العالم، وحيث عرفت أن المطلق غير متعرض بنفسه - ولو بعد إجراء المقدمات - لحكم الأفراد، وإنما مقتضاها - مثلا - أن " عالما " أو " العالم " تمام موضوع حكم وجوب الاكرام، ثم إن العقل حيث يرى تحقق هذا المعنى في كل فرد، فلا محالة بتبع وجود هذا المعنى الكلي يجئ حكمه أيضا، فالحكم في كل فرد أيضا لنفس المعنى الكلي المتحد مع الفرد، لا لنفس الفرد. بخلاف العموم البدلي أو الشمولي.
فملاك التقسيم هو رعاية هذا الحكم العقلي الذي يختلف باختلاف الموارد، لا اختلاف مفاد المطلق في الدلالة على البدلية تارة، والشمول أخرى.
فالمطلق في كلا القسمين أريد منه نفس المعنى الطبيعي، وهو بنفسه تمام الموضوع للحكم، إلا أن خصوصيات المقام توجب تارة أن يستفاد أن الحكم المذكور في الكلام من لوازم الطبيعة، وأخرى أن الغرض يحصل بوجود الطبيعة، الذي توجد بفرد ما فكان لازم الأول الشمول، ولازم الثاني البدلية.
فما عن المحقق العراقي (قدس سره) حسب تقرير بعض فضلاء درسه في نهاية الأفكار، من جعل الاكتفاء في الامتثال بفرد ما - في الأوامر - وانحلال التكليف إلى تكاليف متعددة مستقلة - في النواهي - من آثار اختلاف المعنى المراد من الطبيعة المطلقة، بأن أريد في الأوامر صرف الوجود منها وفي النواهي وجودها الساري - ولو من باب تطبيق الطبيعة المهملة عليهما (1) - ممنوع جدا.
بل الحق أن المراد بطبيعة المادة المطلقة في الأوامر والنواهي أمر واحد، هو