ولا " تغصب "، أو " لا تصل في الحمام " فإن كان من قبيل الأول فلا ريب في أن الدليلين متعارضان لابد من الأخذ بأحدهما في مادة الاجتماع، سواء كان النسبة بينهما العموم المطلق أو من وجه، وإن كان من قبيل الثاني فالمفهوم عرفا أن تمام محصل غرض المولى وتمام موضوع حكمه هو نفس ما بعث إليه، فيسقط أمره ولو بإتيانه في ضمن المحرم، بلا فرق بين كون النسبة عموما مطلقا أو من وجه، ولا بين القول بجواز اجتماع الأمر والنهي، وامتناعه، غاية الأمر أنه بناء على القول بالامتناع لا يكون الفرد المحرم مع اشتماله على المصلحة مأمورا به.
وبعبارة أخرى: مقتضى إطلاق المادة أن نفس العمل بلا قيد هو الواجب على العبد، إلا أن عقله يوجب عليه أن يأتي به في ضمن الفرد غير المحرم جمعا بين الوظيفتين، ومقتضى هذا الإطلاق أن الإتيان في ضمن المحرم أيضا يكفي في حصول مراد المولى وسقوط الأمر.
هذا في الأصل اللفظي.
ولو لم يكن إطلاق فالشك في اعتبار قيد زائد وأصالة البراءة محكمة كما لا يخفى.
المبحث الخامس قال في الكفاية: قضية إطلاق الصيغة كون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيا، لكون كل واحد مما يقابلها يكون فيه تقييد الوجوب وتضيق دائرته، فإذا كان في مقام البيان ولم ينصب قرينة عليه فالحكمة تقتضي كونه مطلقا، وجب هناك شئ آخر أو لا، أتى بشئ آخر أو لا، أتى به آخر أو لا، كما هو واضح لا يخفى (1). انتهى.
وظاهره، بل صريحه - كما ترى - الاستناد في إثبات كل من الأقسام إلى الإطلاق الأحوالي الثابت لمفاد الهيأة، وهو من قبيل إثبات الملزوم من طريق لازمه، فإن الوجوب النفسي وإن كان هو الوجوب الذي ليس ناشئا عن وجوب