المقام الأول: (في إجزاء الإتيان بالمأمور به لكل أمر في الوفاء بتمام مقصود المولى من الأمر به):
ولا ريب فيه أصلا، إذ الأمر بإطلاقه يدل على أن متعلقه تمام مراد المولى وما يطلبه من عبده، فإذا أتى به كما أراد فلا معنى لبقاء أمره على ما كان من الدعوة، وهو معنى سقوطه، فلا وجه لإعادته، ولا لقضائه المتفرع على فوته، وهو في كمال الوضوح.
إنما الكلام في إمكان تبديل الامتثال - الذي جوزه في الكفاية - فيما كان للمولى غرض أقصى لم يحصله بعد من المأتي به، فإن ظاهرها - هاهنا كما تقدم - بقاء أمر المولى وطلبه، وجواز الإتيان بمتعلقه ثانيا بداعية، مؤيدا له بل مستدلا عليه بأخبار الصلاة المعادة.
وفيه: أن فرض مثل هذا الغرض في التكاليف الشرعية الراجعة إلى نفع المكلف وإن كان ممكنا، بأن يحتاج ترتب الأثر الأصلي إلى شرائط اخر، ولا أقل من مضي زمان لم يتحقق بعد إلا أن الأمر بحسب القواعد العقلائية إنما يتعلق بما كان كالعلة التامة لغرض الآمر والداعي إليه، وإن كان غرضا مقدميا بالنسبة إلى غرض أقصى، فإذا أتى المكلف بالمأمور به كما أراد فقد حصل غرض المولى من أمره هذا، ومعه فلا معنى لبقائه بعد على دعوته.
ويشهد لذلك: أنه - في الموالي العرفية - لو كان مثل ما يأتي به المكلف أولا حاصلا قبل أن يقوم المولى بصدد تحصيل الغرض الأقصى فبلا ريب ولا إشكال لا يأمر عبده بالإتيان أصلا، اللهم إلا بأمر آخر ندبي فيما كان الحاصل مشتملا على مصلحة أخرى مطلوبة له ندبا، وهو أمر آخر غير الأمر الأول لا بأس به، وعليه يحمل، بل هو ظاهر أخبار الصلاة المعادة، فراجع.
ثم إنه لا فرق فيما ذكرنا بين القول بوجوب المقدمة الموصلة - ولو بنحو القضية الحينية والحصة التوأمة مع الإيصال - والقول بوجوب مطلق المقدمة، فلا ينبغي توهم أنه على الأول يتعلق الأمر المنبعث عن الغرض المقدمي إلى