توضأ لغاية أخرى قبل الوقت لا يصح الصلاة به، فيما لم يتمكن من تحصيل الماء والتوضؤ به في الوقت، وذلك أن القدرة على الوضوء في الوقت حاصلة في الفرض الأول، ونفس المقدمة موجودة في الثاني، وقد مر أن التقييد إنما هو في وجوب المقدمة، لا في نفس مقدميتها.
نعم، لو أغمض عما ذكرنا وكان الواجب من قبيل المشروط بشرط مقارن ومع ذلك دل دليل على وجوب مقدمته قبل زمان الواجب فهذا وجوب نفسي تهيئي يترتب على امتثاله الثواب وعلى مخالفته العقاب، وإن كان وجوده مشروطا ومخصوصا بخصوص ما إذا تعقبه وجوب الواجب الأصلي. وأما ما في تقريرات بعض الأعاظم (قدس سره) من الإلتزام بوجوب متقدم متمم لجعل وجوب الواجب الأصيل محكوم بحكم الواجب المقدمي في عدم ترتب الثواب والعقاب عليه، فهو مما لا وجه له، إذ صرف كون الغرض من واجب ترتب مقصود آخر عليه لا يوجب ذلك، كما إذا أمر المولى عبدا له بتحصيل غرض أصيل، وأمر عبدا له آخر بتحصيل مقدماته فإنه لا ريب في كون الأمر الثاني أيضا نفسيا يترتب عليه الثواب والعقاب، وظني أن ارتكازه على ذلك الحكم العقلي المذكور في حل المطلب دعاه إلى القول بهذا، وقد ذهل عن الأصل والتزم بالفرع، فتدبر.
تتمة:
إذا كان قيد ودار أمره بين أن يرجع إلى الهيأة - فيكون الوجوب مشروطا به - وأن يرجع إلى المادة - فيكون لازم التحصيل في بعض الأحيان - ولم يكن قرينة تعين رجوعه إلى إحداهما خاصة: فإن كان قيدا متصلا فلا ينبغي الريب في حصول الإجمال، فإنه مع وجود محتمل القرينية في الكلام لا ينعقد لما يحتمل قرينيته له ظهور في الإطلاق، وأما إذا كان منفصلا وبعد انعقاد الظهور للهيئة والمادة في الإطلاق فالظاهر أنه أيضا يوجب الإجمال، لمكان العلم الإجمالي بتقييد أحد الإطلاقين، وعدم مرجح لأحدهما في البين.