هو الذي ليس لجزئه دلالة أصلا. واعترض عليه بعض المتأخرين بعبد الله وأمثاله، إذا جعل علما لشخص، فإنه مفرد، مع أن لأجزائه دلالة ما.... إلى أن قال الشارح:
والسبب في ذلك سوء الفهم، وقلة الاعتبار لما ينبغي أن يفهم ويعتبر، وذلك لأن دلالة اللفظ لما كانت وضعية كانت متعلقة بإرادة المتلفظ الجارية على قانون الوضع، فما يتلفظ ويراد به معنى ما ويفهم عنه ذلك المعنى يقال له: إنه دال على ذاك المعنى، وما سوى ذلك المعنى مما لا يتعلق به إرادة المتلفظ - وإن كان ذلك اللفظ أو جزء منه بحسب تلك اللغة أو لغة أخرى أو بإرادة أخرى يصلح لأن يدل به عليه - فلا يقال له: إنه دال عليه " (1).
فكلامهما - كما ترى - ناظر إلى مقام استعمال الألفاظ، ومرحلة اجتناء ثمرة الوضع، فسميا هذه المرحلة بالدلالة، وقد عرفت أنها التي ينبغي التعبير عنها بالدلالة، فالدلالة التابعة للوضع إنما هي إفناء اللفظ في معناه الموضوع له، وإلقاء المعاني بألفاظها الموضوعة.
فهذا هو مراد العلمين وواقع الأمر، لا ما يظهر من الكفاية من أن مرادهما دلالة الألفاظ على أن معانيها مرادة للافظها تابعة لإرادتها منها (2)، فإن الأمر وإن كان كذلك إلا أنه خلاف ظاهرهما جدا كما مر.
فالحاصل: أن الموضوع له هو نفس المعني: بلا أي قيد، إلا أنه لا ينافي أن تكون فعلية الدلالة - التي هي غرض الواضع - تابعة ومنوطة بالإرادة، وبإفناء الألفاظ في المعاني، وإلقاء المعاني بهما.
الأمر السادس وضع المركبات لا ريب في أنه إذا تكلم المتكلم بجملة مثل أن يقول: " هذا كتاب زيد " فكل من مفرداتها موضوعة لمعانيها، فهذا لما يشار إليه، وزيد للشخص المعين، وكتاب