وأما ما أفاده في شرائط المأمور به ففيه: أن الإضافات والعناوين إذا كانت اعتبارية فهي كما أفاد، يصح انتزاعها بلحاظ أمر متقدم أو متأخر كالمقارن، وأما الحيثيات الواقعية فكيف يعقل توقفها على أمر متأخر؟ وقد عرفت ابتناء الإشكال في جميع الموارد على الحاجة إلى حيثية وجودية توقفها على أمر متأخر محال.
وأعجب من جميع ذلك ما أفاده استطرادا: من أن الأمر بالمقيد يتعلق - ولو بالانبساط - على نفس القيد، إذ التقيد الذي هو جزء تحليلي للمأمور به يكون بوجود القيد فينبسط الأمر النفسي عليه كانبساطه على الأجزاء، وأنت خبير بأن التقيد وإن كان بلحاظ وجود القيد إلا أنه غيره، فهو أمر انتزاعي ينتزع من كونه مع القيد أو مسبوقا أو ملحوقا به، لا نفس القيد، وعليه فالقيد من المقدمات إن أمر به فهو واجب غيري، وإنما ينبسط الأمر والوجوب النفسي على التقيد وخصوصية كونه معه مثلا، كما لا يخفى، قد خرجنا عن رسم الأدب، ونتوب إلى الله تعالى فهو المستعان.
ثم إن الظاهر دخول المقدمات بجميع أقسامها من المتأخر والمتقدم والمقارن في محل النزاع بعد وجود ملاك الوجوب الغيري في جميعها على السواء.
الأمر الخامس: في تقسيمات الواجب، لاتضاح أنه بجميع أقسامها محل النزاع أم لا؟
1 - فمنها: تقسيمه إلى المطلق والمشروط:
وقد عرفهما القوم بتعاريف وقعت بينهم محل النقض والإبرام من حيث الاطراد والانعكاس، والظاهر أنهم لا يختلفون هاهنا - كسائر الموارد - في معناهما بحيث ينتج اختلافهم في المصاديق حتى يرى بعضهم أن المورد الكذائي من المطلق - مثلا - وينكره الآخر، إلا أنه لا ينافيه أن يكون تصديهم للتعريف في مقام شرحهما بحيث لا يشذ عنه فرد، ولا يدخل فيه خارج، كما يشهد بذلك قيامهم من الصدر الأول مقام الإيراد على التعاريف طردا أو عكسا، فالقول بأن