مضافا إلى أن ظاهر قوله " رفع مالا يطيقون " في أمثال المورد مما لا يطيق إلا أحدهما لا بعينه، ولا يطيق الثاني، رفع الوجوبين عن أحدهما، ولذلك نقول:
بدلالته على جواز ارتكاب أحدهما عند الاضطرار إلى أحدهما، غاية الأمر أنه إذا كانا متساويين تخير بينهما، وإذا كان أحدهما أهم فلرعاية أهميته لا أصله، عليه أن يفعل أو يترك غيره، بعد معلومية بقاء الملاك، وان رفع الحكم هنا ترخيص في خلاف المطلوب من باب اللابدية، فيتقدر بقدرها. هذا.
التقرير الرابع: ما اختاره المحقق صاحب نهاية الدراية (قدس سره)، وحاصله: أن كل أمر بمنزلة المقتضى لامتثاله، وامتثاله أثر له، والمقتضيان إذا كان مقتضاهما ضدين فإنما يتنافيان إذا اجتمعا في التأثير، وأما إذا قيد تأثير أحدهما بعدم تأثير الآخر فلا منافاة أصلا. انتهى.
أقول: ونظيره ما اختاره سيدنا الأستاذ العلامة البروجردي (قدس سره) حيث أفاد: أن المولى إذا رأى خلو الزمان وعدم اشتغاله بالأهم فأي مانع من الأمر بالمهم في خصوص هذا الظرف؟ وإنما يلزم المحذور إن أمر به ولو في زمان اشتغال الظرف بضده الأهم " انتهى ملخصا ".
أقول: إن الأمر بالمهم، وإن كان مقيدا بخصوص صورة العصيان وعدم تأثير هذا المقتضى وخلو الظرف عن مقتضاه، إلا أن المفروض بقاء الأمر بالأهم أيضا، ففي لحاظ المولى وتمثل أوامره فالمقتضى موجود، والظرف مشغول، وصفحة التكوين قد لا تشتغل بشئ منهما، ومجرد ترتب أحدهما على الآخر لا يوجب فعلية أثر المترتب واشتغال الظرف به تكوينا وخارجا.
وبعبارة أخرى: إذا فرض أن المكلف تارك للأهم فهو مأمور بهما، ولازمه طلب الجمع بين الضدين، وهو غير مقدور، بل غير ممكن مع حفظ الفرض، كما مر تفصيله. كما أنه بناء على ما هو التحقيق من المختار في بيان بطلان الترتب، يلزم تنجز التكليف عليه أكثر مما يقدر عليه. نعم، بعد البناء على صحة الترتب فلا يرد عليه إشكال اختلاف المتلازمين في الحكم الفعلي، ولا إشكال صيرورة وجوب