النفسي، فالواجب النفسي يستحق العقاب بتركه، ولولا بقصد مخالفة المولى والعناد، بخلاف الغيري، وكذلك في طرف الثواب يستحقه على إتيانه بما أنه حسن أيضا، بخلاف الغيري، فإنه ينحصر في إتيانه تعبدا وبقصد أمره، هذا.
كما أن اتيانه بقصد أن يصل إلى مراد المولى الأصيل أيضا عنوان حسن يوجب استحقاق الثواب، كما أشرنا إليه، وهذا هو مراد الكفاية من الشروع في إطاعة الواجب النفسي، يعني أنه يعد مرتبة من مراتب اطاعته، حيث اشتغل بإتيان مقدماته.
وأما أنه لو ترك مقدمة لا يقدر بعد تركها على إتيان ذيها، فلا ريب في أن تفويت الواجب والعصيان لا يحصل إلا بعد مجئ وقت الواجب ومضيه، بل الأمر أيضا لا يسقط - بناء على القانونية - إلا بعده، لكن لا يبعد حكم العقل والفطرة بأنه لو عاقبه المولى ولو قبل مجئ الوقت لكان (1) واقعا في محله وعقاب مستحق له.
وهذا هو مراد الكفاية.
ثم، إنه قد اعتبر في الواجبات العبادية أن يكون إتيان العمل لله تبارك وتعالى، وهو عنوان أخص مما يوجب القرب واستحقاق الثواب كما عرفت - وإن كان بنفسه من العناوين الحسنة الموجبة للقرب والثواب - وهو في الواجب النفسي والغيري يحصل بإتيانهما بقصد أمرهما، وبإتيانهما بقصد أنه محبوب للمولى ولو غيريا، ويزيد الواجب الغيري بحصول هذا المعنى بإتيانه بما أنه مقدمة لمطلوب نفسي للمولى. هذا.
إشكالات ودفعها:
قد استشكل في الطهارات الثلاث التي من المقدمات: تارة بأنه لا شبهة في حصول القرب والثواب على امتثالها، مع أنهما من مختصات الواجب النفسي،