وجهي المسألة منحصرة فيما يدل عليه الألفاظ، فلا وجه لما في التقريرات من كون البحث غير لفظي، ولا لما عن العلامة (قدس سره) من الاستدلال بمقتضى السببية، بل الطريق الوحيد هو ما في الكفاية من التمسك بمقتضى ظواهر الألفاظ، ونحن نتبعه.
السادس: لو شك في تداخل الأسباب، فإن كان الجزاء حكما تكليفيا محضا فلا شك في أن المتيقن حدوث تكليف واحد، والزائد محكوم بالعدم، بحكم الاستصحاب ثم البراءة، وإن كان تكليفا مرتبا على وضع، كما إذا وقع في البئر ميتتا الانسان، أو أصاب البول اليد مرتين، فربما يقال: إن هذا الأمر الوضعي يحتمل بقاؤه بعد العمل بالمتيقن من التكليف، فيحكم بمقتضى الاستصحاب ببقائه ويرتب عليه آثاره، فيحكم في المثال بنجاسة البئر واليد، إلا إذا أتى بما يتيقن معه بالفراغ.
أقول: وهو حق فيما كان هذا الأمر الوضعي واحدا على اي حال، وإنما كان الاختلاف - لو كان - في الأحكام المترتبة عليه، كما لعله في المثالين كذلك، وأما إذا كان الاختلاف والتعدد - لو فرض تعدد - في نفس ذلك الأمر أولا وبالذات، وفي الاحكام ثانيا وبالتبع، فهاهنا نقول: إن المتيقن وجود واحد منه، والزائد مشكوك من رأس محكوم بعدم الحدوث، ولعل من هذا القبيل ما إذا أراد تكفير غيبته اغتابها أحدا مرات بمثل الاستغفار. هذا.
ولو شك في تداخل المسببات بعد القطع بتعدد التكليف وعنوان المكلف به، فشك في أن العنوانين هل هما بحيث ينطبقان على واحد في مقام الامتثال أم لا؟
فإن كان الجزاء حكما تكليفيا محضا فحيث إن الشك في التطابق لا محالة منشأه الجهل بحدود العنوان المكلف به، ولا محالة هذا الشك سار في كل منهما.
وحينئذ فإن كان الأمر دائرا في كل منهما بين الأقل والأكثر تجري البراءة عن الزائد المشكوك، فلا يجب في كل منهما إلا الأقل اللازم منه تطابقهما على واحد، كما إذا شك في أن الواجب طبيعة الوضوء الواقعة بعد موجبه أو هي مقيدة أيضا باستقلاله في مقام الامتثال؟ فوجوب الوضوء الواقع بعد موجبه معلوم، وقيد