والترتب وغيرها عناوين مأخوذة كذلك، لا تنطبق إلا على ما يوجد منها بوجود خارجي، ولم يؤخذ في شئ من هذه العناوين وجوده مفروضا حتى يلزم المحذور المشار إليه، هذا. وأما تحقيق أصل هذا المبنى وحدوده فهو بعهدة مقام آخر والحمد لله تعالى.
ثمرة القول بالمقدمة الموصلة:
إن صاحب الفصول (قدس سره) - في البحث عن ثمرة اقتضاء الأمر بالشئ للنهي عن ضده - جعل من ثمرات قوله بالمقدمة الموصلة صحة العبادة الموسعة المأتي بها في وقت واجب مضيق.
وخلاصة بيانه أنه بناء على أن ترك أحد الضدين مقدمة للضد الآخر فيكون تركه مطلوبا بوجوب مقدمي، فإن كان الواجب مطلق الترك فيمتنع حينئذ رجحان الفعل، مع أن قوام العبادة به، بل يكون منهيا عنه، بالنهي الغيري - لأنه ضد عام ونقيض للترك الواجب - فلو كان مأمورا به أيضا لزم اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد، وهذا بخلاف ما إذا كان الواجب الترك الموصل، فإن الطلب مطلقا ايجابيا أو تحريميا وإن استلزم مبغوضية نقيض مورده، إلا أن مطلوبية الترك المطلق مطلقا أو مشروطا يقتضي مبغوضية الفعل على حسبه، اطلاقا واشتراطا، ومطلوبية تركه المقيد بالايصال - مثلا - مطلقا أو مشروطا إنما تقتضي مبغوضية ترك هذا الترك المقيد بحسبه، دون الفعل، لعدم كونه نقيضا له من حيث ارتفاعهما في الترك المجرد عن القيد.
لا يقال: ترك الترك المقيد أعم من الفعل والترك المجرد، وحرمة العام تستلزم حرمة الخاص.
لأنا نقول: العموم بحسب الوجود لا يستلزم ذلك وبحسب الصدق ممنوع، وقد مر بيانه في رد شبهة الكعبي. " انتهى " (1).