3 - أقسام الوضع:
لا شك أن الوضع يتوقف على أن يتصور الواضع المعنى واللفظ فيجعل أحدهما اسما للآخر، وحينئذ فالمعنى الملحوظ: إما عام، وإما جزئي خاص.
والعام: إما أن يوضع اللفظ له، وإما أن يوضع لمصاديقه وجزئياته. كما أن الخاص:
إما أن يوضع اللفظ له، وإما للكلي الذي فوقه، فهنا أقسام أربعة: الوضع العام والموضوع له العام، أو الخاص، والوضع الخاص والموضوع له الخاص، أو العام.
ثم لا ريب في إمكان قسمين: هما الوضع العام والموضوع له العام، والوضع الخاص والموضوع له الخاص. وأما القسمان الآخران فإمكانهما محل كلام بين الأعلام.
وقد اشتهر إمكان الوضع العام والموضوع له الخاص، ببيان: أن الكلي متحد مع كل من جزئياته الحقيقية والإضافية، يحمل عليها بالهوهوية، فهو من وجوهها وعناوينها، ولذلك فلحاظ الكلي لحاظ لجزئياته بوجهها، ومعرفة وجه الشئ معرفته بوجه، وهي كافية في الوضع له.
ويورد عليه: بأن مجرد اتحاد الكلي مع الفرد في الوجود الخارجي لا يوجب حضور الفرد بما هو فرد في الذهن من تصور الكلي، بل إن كل متصور فإنما يوجب التفات النفس إلى نفسه، ولا يحكي الصور الذهنية إلا عن مجرد معناه، لا وعن كل ما يتحد في الخارج معه، وتصور وجه الشئ - في الحقيقة - تصور وجه الشئ لا غير، وإن نسب إلى نفس الشئ فهو تجوز في الإسناد، فتصور الإنسان تصور له فقط لا لزيد - مثلا - أيضا، إلا بمعنى تصور أمر هو متحد في الخارج مع زيد، وإلا فلم يلتفت النفس بمجرد تصور الإنسان إلى معنى آخر أصلا.
ففرد الإنسان ومصاديقه كأفراد الكليات الاخر لم يتصور ولم يلتفت إليها أصلا، ومع عدم الالتفات إليها لا يمكن الوضع لها. نعم، لا بأس بالانتقال من تصور الكلي إلى تصور لأفراده، وحينئذ فهذا التصور الجديد هو المصحح للوضع