وثانيا: أن وجه استفادة تعلق الأمر بالباقي في مطلق الأقل والأكثر الارتباطيين ليس هو الاعتماد على الأصل المثبت لخفاء الواسطة، بل وجهها هو الجمع بين الدليل المتعلق بعنوان المأمور به والدليل الدال على جزئية المشكوك وحديث الرفع، فدليل الجزئية وإن عم صورة الجهل أيضا، إلا أن حديث الرفع لسانه تخصيصها في صورة الجهل واختصاصها بصورة العلم بها، فلا محالة دليل وجوب العنوان المأمور به يكون باقيا على إطلاقه بالنسبة إلى الجاهل، وهكذا لو أمر بالمركب في دليل واحد، فتدبر جيدا.
تتميم:
قالوا: إن التعبدي قد يطلق على ما يعتبر فيه مباشرة المكلف وصدوره عن إرادته، وكونه غير مجتمع مع المحرم، قبال التوصلي الذي لا يعتبر فيه ذلك، وحينئذ فلو شك في الواجب أنه تعبدي أو توصلي فمقتضى الإطلاق أو الأصل العملي ما هو؟
وتنقيح المقام يتم بالبحث في ثلاثة مواضع:
إطلاق الدليل هل يقتضي المباشرة؟
الأول: هل إطلاق الهيأة يقتضي اعتبار مباشرة المأمور في المأمور به أم لا؟
ولو لم يكن إطلاق فهل مقتضى الأصول العملية اعتبارها أم لا؟
لابد قبل البحث عن مقتضى الهيأة أو الأصول من ملاحظة كيفية جعل التكليف فيما يعتبر فيه المباشرة ومالا يعتبر فيه، بحسب عالم الثبوت.
فنقول: تارة يقوم غرض المولى بمجرد تحقق طبيعة العمل في الخارج من دون اعتبار أية خصوصية فيها، فلو صدر من غير المأمور أيضا لأغراضه النفسانية لحصل غرضه.
وأخرى يقوم غرضه بما يتحقق من قبل المكلف، سواء عمله هو بنفسه، أو