وثانيا: أن ما أفاده من عدم انعقاد الإطلاق للمقيد في التقييد بالمنفصل ممنوع فهل ترى إذا قال المولى: " صل " وكان مطلقا، ثم قال: " لا أريد منك الصلاة بلا طهارة " فهل ترى جواز الاقتصار على ما أتى بلا طهارة، وعدم كون إطلاق المقيد حجة على العبد في لزوم الإتيان بالصلاة مع الطهارة، سواء أتى بلا طهارة أم لا؟ لا أظنك شاكا ومحتملا لجواز الاقتصار على المأتي بها لا عن طهارة، وهكذا الأمر في سائر الإطلاقات.
نعم، في خصوص ما نحن فيه سر ودقيقة بها يجاب عن الإشكال، وهو: أن بعث المولى وطلبه لما كان معلولا للمصلحة القائمة بفعل العبد فيسقط لا محالة بحصولها، وليس لإطلاق كلامه حجة على وجوب الإتيان حتى فيما حصل غرضه أيضا، وحينئذ فإطلاق المادة الكاشف على الفرض عن إطلاق المصلحة يكون حاكما، بل واردا على إطلاق الهيأة المقيدة، وهذا هو الفارق بين المقام وسائر الإطلاقات.
هذا حكم الأصل اللفظي.
وأما إذا لم يكن إطلاق ووصلت النوبة إلى الأصول العملية: فإن شك في دخالة خصوص الاختيار فأصالة البراءة قاضية بعدم العقاب عليه، وإن شك في دخالة خصوصية انتساب العمل إلى المكلف فالقاعدة هي البراءة، كما هو واضح من التأمل فيما ذكرناه هاهنا، وفي الموضع الأول، فتأمل جيدا.
إطلاق الدليل هل يقتضي أن لا يكون المأمور به غير محرم؟
الموضع الثالث: إذا شك في لزوم الإتيان بالمأمور به في ضمن غير الفرد المحرم أم لا فمقتضى الأصول اللفظية والعملية ما هو؟
التحقيق: أنه إذا قيس دليل الحرام إلى دليل الواجب: فتارة يكون المفهوم منه عرفا أن عنوان دليل المحرم كالحيثية التعليلية لعروض الحرمة على نفس ما تعلق به الوجوب، وأخرى يرى العرف أن عنوانه كحيثية تقييدية، كما في " صل "