الثاني: في اقتضاء الأمر بالشئ للنهي عن ضده الخاص، أعني كل أمر وجودي يعاند ولا يجتمع مع المأمور به، وطبع البحث يقتضي تأخره عن البحث عن الضد العام، كما ستعرف، إلا أنه قدمناه تبعا للكفاية.
فنقول: استدل على حرمته بوجهين:
الأول: من طريق مقدمية عدم الضد لوجود الآخر، وهذا الوجه مبني على مقدمات:
الأولى: أن عدم كل ضد مقدمة لوجود الآخر.
الثانية: أن مقدمة الواجب واجبة.
الثالثة: أن وجوب المقدمة يعم كل مقدمة، ولا أقل من أنه يعم مثل هذه المقدمة.
الرابعة: أن الأمر بالشئ يقتضي حرمة ضده العام حتى يلزم من وجوب عدم الضد حرمة نفس الضد.
أما المقدمة الأولى فما يمكن الاستدلال به على المقدمية أمران:
الأول: أنه لا شك في أن من شرائط وجود الشئ ومقدماته قابلية المحل الذي يوجد فيه، ومن المعلوم أن المحل المشغول بالضد ليست له قابلية فعلية لحصول الضد الآخر فيه، بل لابد وأن ينعدم عنه ذلك الضد حتى يتم قابليته الفعلية.
ودعوى: أنه لا يضر مشغولية المحل بقابليته، إذ قابليته لحصول ضد آخر مع هذا الضد منفية ومستحيلة التحقق أبدا، فلا يرجى حصولها بزواله، وقابليته لحصوله بدلا عنه حاصلة غير موقوفة على زواله - كما في نهاية الدراية -.
مدفوعة: بأن المراد قابليته الآن لأصل وجود الضد، فإن المقبول نفس وجود الضد ليس إلا، وكونه مع الآخر أو بدلا عنه ليس من أوصافه الوجودية، بما هو حال فيه ومقبول له، بل منتزع من تحققه في زمان تحقق الآخر أو زمان عدمه، وإلا فالحال هو نفس الضد، ومعلوم أن حلوله في زمان الآخر مستحيل، والمحل في هذا الزمان ليس قابلا له، فإذا زال الضد الشاغل تتم قابليته، فعدم الضد في