العرض بالعرض، وأن المبدأ إذا اخذ لا بشرط فهو قابل للحمل على الموضوع، وغير ذلك مما لم نذكره وهو كثير فراجع بالتدبر.
الكلام في العبادات المكروهة:
ومما استدل به القائل بالجواز العبادات المكروهة، وتقريبها مذكور في الكفاية (1) وغيرها.
أقول: لا ريب - كما في الكفاية - في امتناع اجتماع الحكمين على موضوع واحد من جهة واحدة، على كلا القولين في مسألتنا، وعليه فلا بد من جعل الأمر والنهي التنزيهي متوجهين إلى عنوانين، وبعدئذ فلا يتم استدلال المجوزين أصلا، على ما عرفت من صحة إتيان المجمع لله تعالى، ولو كانت جهة النهي أقوى فإن غاية ما هنا صحة العبادة لا وتعلق أمر فعلي بها أيضا، فلا بأس بكون الكراهة فعلية، دون الاستحباب أو الوجوب. ومع ذلك يكون العبادة صحيحة أيضا، هذا.
لكن المعروف في الجواب تبعا لما وقع في الأدلة تقسيمها إلى أقسام ثلاثة معروفة، فإنه إما أن لا يكون للعبادة المكروهة بدل أصلا، كما في صوم العاشوراء، وإما أن يكون لها بدل، لكن تعلق النهي التنزيهي بنفس عنوان العبادة، كالنهي عن الصلاة في الحمام، وإما أن يكون لها بدل، وقد تعلق النهي بعنوان آخر، سواء تعلق في ظاهر اللفظ بها، أم بنفس ذلك العنوان ابتداء.
أما القسم الأول: ففي الكفاية جعل حل المطلب على كلا القولين، بأن قال: قد تعلق أمر استحبابي بعنوان منطبق على الترك أو ملازم له، فهذا العنوان فيه مصلحة راجحة على مصلحة الفعل، فلذلك صار استحبابه فعليا، واستحباب الفعل غير فعلي بل شأنيا، قال: والنهي التنزيهي المتعلق بمتن الفعل من ناحية كونه ضدا عاما للترك المستحب لا يوجب بطلانه، فإنه لم ينشأ عن حزازة فيه، والموجب للبطلان إما النهي التحريمي أو الناشئ عن حزازة في الفعل، " إنتهى ملخصا ".