الأمر السابع: ثمرة القول بالملازمة:
قد مر في أوائل بحث المقدمة أن المبحوث عنه هو الملازمة بين وجوب المقدمة وذيها، فإذا صدقنا بهذه الملازمة تجعل كبرى صغرى، ويستنتج منها وجوب المقدمة بهذا النحو: " المقدمة وجوبها ملازم لوجوب ذيها، وكل ما كان كذلك فهو واجب عند وجوب ذيها، فالمقدمة واجبة عند وجوب ذيها ". وهذه النتيجة حكم فرعي عملي - كما لا يخفى -.
وأما الإشكال عليها بأن هذا الوجوب الذي وجوده كعدمه فلا يمكن صيرورة مسألة بلحاظها ذات نتيجة، فمدفوع، أولا: بأنك قد عرفت امكان أن يكون داعيا ويحصل التقرب به، وثانيا: بأن الكلام مفروض بعد التصديق بوجود الملازمة بين وجوب ذي المقدمة ووجوب مقدمته وجوبا مولويا شرعيا، فلا محالة هذا الوجوب من الأحكام الإلهية الشرعية، وترتبه على مسألة يجعلها مسألة أصولية ذات ثمرة فقهية، وبالجملة: فالمسألة الأصولية هي قاعدة كلية ممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية، فهي نفسها وإن لم تكن حكما شرعيا إلا أنها واسطة في اثبات حكم شرعي، وهذا التعريف منطبق على مسألتنا هذه بلحاظ هذه الثمرة المذكورة.
وأما الثمرات الاخر من حصول البر بإتيان المقدمة فيما إذا نذر الإتيان بواجب إلهي مطلقا، أو عدم جواز أخذ الأجرة عليها، أو حصول الفسق بترك واجب ذي مقدمات مع مقدماته، أو لزوم اجتماع الأمر والنهي في المقدمة المحرمة، أو توسعة مقام الامتثال، فهي كلها مترتبة على نتيجة المسألة، أعني الوجوب الشرعي لا على نفس الملازمة كما هو واضح.
مضافا إلى ما أفيد من أن الوجوب ليس موضوع عدم جواز أخذ الأجرة، بل هو دائر مدار استفادة مجانية العمل في الشرع من الأدلة، وهي أعم من الوجوب.
كما أن ظاهر دليل عد الاصرار على الذنب من الكبائر هو الاصرار على المعصية، وترك الواجب المقدمي ليس من المعصية في شئ، مع أن ظاهر الاصرار الذي بمعنى الإقامة على الذنب، هو أن يرتكب ذنبا بعد ذنب، وبناء على أن عصيان