تذنيبان:
الأول: في أنه هل يترتب على امتثال الواجب الغيري ومخالفته ثواب وعقاب وقرب وبعد؟
قد سلموا الأمر في الواجب النفسي، إلا أن التحقيق أن يقال: إن في حقيقة الثواب والعقاب احتمالات:
الأول: أن يكونا من لوازم الأعمال سواء كانت بتجسمها بجسم نوري أو ناري، أم بتأثيرها في النفس ملكة نورية أو نارية أو خلاقة لما يؤنس به أو يتأذى منه، وعليه فلا اشكال في تصورهما في التكاليف النفسية، بأن كان نفس الواجب لحسنه الذاتي متصورا بهذه الصور - مثلا - إلا أنه لا دليل على اختصاصه بما إذا اتي بالواجب بقصد التعبد والطاعة، بل كل فعل حسن ذاتا أو قبيح كذلك يمكن أن يتصور بهذه الصور أو يؤثر هذا الأثر. نعم، الامتثال وإتيان الواجب في مقام التعبد أيضا أمر يمكن فيه ذلك، وهو أيضا من الأعمال الحسنة.
وكيف كان فترتب الثواب والعقاب - بهذا المعنى - على الواجب الغيري إن أريد به نفس العمل المقدمي فممنوع، إذ نعلم علما قطعيا بأن المقدمة لا شأن لها إلا كونها مما يترتب عليه ذو المقدمة، وأما هي نفسها فلا حيثية حسن فيها بحيث لو لم يكن المولى ملزما ومقهورا لما أمر به أصلا. وأما إن أريد به ترتبه على اطاعته ومخالفته فتصوره مبني على ما سيجئ من أنها بهذا العنوان حسن ذاتا أم لا؟ بل لا حسن له ولا قبح، بما أنه امتثال الوجوب الغيري أو مخالفته فانتظر.
الثاني: أن يكون باب الثواب والعقاب باب جعل المولى لهما على مخالفة أوامره، وموافقته، من غير استحقاق أصلا، وهو أمر ممكن - وإن لم يكن عليه برهان عقلي - وعليه أيضا فلا مانع من جعلهما على الواجب النفسي والغيري، فالمولى الذي له كمال العناية بأن يصل كل موجود إلى كماله الذي بعهدة الواجبات، وترك المحرمات، ترغيبا للمكلفين وتحذيرا لهم عن المخالفة، يجعل الثواب والعقاب ولو على الوجوب الغيري.