غرض آخر أزيد، وبهذه الجهة يعبر عنه بمتمم الجعل.
فقد تحصل: أن توجيه الأمر إلى قصد القربة أمرا واحدا أو أمرين لا بأس به، ولا مانع عن الرجوع إلى إطلاق المادة إذا لم يعلم تقييدها به كما مر بيانه.
السادس: بعد ما عرفت من إمكان تقييد المأمور به بقيد قصد التعبد فيقع الكلام في بيان الرجوع إلى إطلاق مادته إذا لم يعلم تقييدها.
فنقول: هل يجوز التمسك لنفي اعتبار نية القربة بإطلاق دليل المأمور به أم لا؟
تفصيل المقام: أن الإطلاق المزبور إما لفظي وإما مقامي. والمراد بالإطلاق المقامي: أن يكون المتكلم في مقام بيان جميع ما له دخل في تحصيل غرضه، سواء أمكن جعله جزءا أو قيدا للمأمور به أم لا، ولا يبين دخالة شئ فيه، فإن أحرز هذا المقام من المولى فلا ينبغي الشبهة في حكم العقلاء بعدم دخالة هذا الشئ في غرضه.
وذلك من غير فرق بين أن يكون هذا الشئ من الأمور المغفول عنها لولا بيانه، وأن لا يكون، إذ كون المولى في هذا المقام بمنزلة أن يقول بلفظه: " الدخيل في حصول غرضي هو هذا المذكور لا غير "، ومع هذا لا يشك أحد في الحكم بعدم دخالة غيره فيه، بلا فرق من الجهة المزبورة.
كما لا يفرق أيضا بين أن يكون الشئ المشكوك فيه مما يحكم العقل بالاحتياط فيه، وأن لا يكون، وذلك لا من جهة لزوم الدور من توقف الأخذ بالإطلاق المقامي على عدم حكم العقل بالاشتغال، مع أنه موقوف على الإطلاق المقامي، لكون موضوع الاشتغال عدم البيان، والإطلاق بيان، أو من توقف حكم العقل بالاشتغال على عدم الإطلاق المقامي - توقف الحكم على موضوعه -، مع أنه موقوف على حكمه بالاشتغال - توقف عدم المشروط بعدم شرطه، أو عدم الممنوع بوجود مانعه - إذ لو سلم اشتراطه بعدم حكمه بالاحتياط فيجعل المانع حكمه بالاشتغال لو خلي ذلك الشئ وطبعه، وفي فرض عدم البيان، وهذا - كما ترى - غير موقوف على أن لا يكون إطلاق لفظي أو مقامي.