نفس طبيعة المعنى، بلا أي قيد، وهذه الطبيعة بنفسها قابلة للانطباق على كل فرد من مصاديقها الطولية والعرضية، إلا أن تعلق البعث والأمر إليها بملاحظة أنه طلب لإيجادها، ووجود الطبيعة بوجود فرد ما، فتعلق البعث إلى هذه الطبيعة المطلقة يقتضي حصول الامتثال بأول فرد منها أي فرد كان، كما أن تعلق الزجر والنهي بها بملاحظة أن امتثاله بأن لا توجد الطبيعة، وانتفائها بانتفاء جميع الأفراد، فتعلق النهي بهذه الطبيعة المطلقة يقتضي الانتهاء عن جميع مصاديقها، بحيث كان الطبيعة في كل فرد لازم الانتهاء عنها، فاختلاف الحال في الأوامر والنواهي من آثار الاختلاف الذاتي المتحقق بين نفس النهي والامر، لا من آثار اختلاف المراد بالطبيعة فيهما ولا من آثار اختلاف المصداقين المنطبق عليهما الطبيعة المهملة فيهما، بل المفهوم والمراد من الطبيعة في كليهما واحد، والاختلاف المذكور من آثار اختلاف الحكمين.
فالحاصل: أنه قد يستفاد من خصوصيات المقام أن الحكم المذكور في الكلام من لوازم وجود الطبيعة، وذلك كما في موارد النفي والنهي، وفي مثل * (أحل الله البيع) * و " أكرم العالم " فهاهنا الحكم وإن تعلق بالطبيعة، إلا أنه حيث كان من قبيل اللازم لها، والطبيعة متحدة مع جميع افرادها، فلا محالة يتعدد الحكم بتعداد المصاديق والأفراد، فكل فرد ومصداق محكوم بالحرمة، وبوجوب الاكرام، وبالحلية، ولكل منها حكم مستقل.
كما أنه قد يستفاد منها البعث إلى إيجاد الطبيعة، فالطبيعة وان كانت مطلقة قابلة الشمول لكل فرد، إلا أنه لما كان إيجاد الطبيعة بإيجاد فرد ما، فلا محالة ليس المطلوب بالفعل إلا فردا واحدا منها، وحيث لا لون للطبيعة المبعوث إليها، فلا محالة يتخير المكلف في تطبيقها في مقام العمل على أي الأفراد شاء، ويكون الاطلاق بدليا، والله تعالى ولي الهداية.
الرابع: ينقسم الإطلاق إلى أفرادي، وأحوالي، وأزماني، وتجتمع في قول:
" صل خلف العادل " فإن إطلاق العادل إذا قيس إلى مصاديقه " أفرادي "، وإذا