الفصل الرابع * في مقدمة الواجب وقبل الخوض في المقصود تقدم أمور:
الأول: أن المسألة من المسائل الأصولية، يبحث فيها عن ثبوت الملازمة بين وجوب الشئ ووجوب مقدمته كما في الكفاية (1)، ويستنتج منها في الفقه وجوب الشئ المقدمة بعد ما علم وجوب ذيها.
لكن النظر معطوف إلى حصول هذه الملازمة بينهما، من غير أن يخصص الدليل عليها بحكم العقل، بل لو دلت نفس الصيغة الدالة على وجوب ذي المقدمة على وجوبها، بل لو دل دليل منفصل من إجماع أو كتاب أو سنة على هذه الملازمة لتم المقصود من هذه المسألة، ولما كان خروجا عما انعقدت لها، فهذه المسألة كسائر المسائل الباحثة عن الملازمة، عمدة النظر فيها إلى أن هذه الملازمة ثابتة أم لا؟ وأما أن الدليل عليها ما هو فهي مطلقة من هذه الحيثية، فهي أشبه بمسألة البراءة عما لا يعلم، فإنها مسألة يطلب فيها الحكم بعدم عقاب المكلف على التكليف المجهول، سواء كان من طريق حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان، أو قوله: " رفع مالا يعلمون "، أو دلالة آية، أو قيام إجماع عليه.