والترجي ونحوها أيضا كما أفاده (قدس سره)، من أن المعنى الموضوع له فيها كالمستعمل فيه واحد، وإن كانت الدواعي والغايات مختلفة.
المبحث الثاني هل الهيأة حقيقة في الوجوب؟
بناء على ما عرفت من أن المعنى المفهوم من الهيأة إنما هو البعث إلى إتيان المادة فلا ينبغي الريب في أن هذا المعنى كما هو مفهوم فيما إذا كان البعث نحو الواجبات، فهكذا هو المفهوم فيما كان المبعوث إليه من المستحبات، بلا فرق بينهما في البعث أصلا، والشاهد عليه مراجعة الوجدان فإنه يتبادر عنده في البعث إليهما بالصيغة معنى واحد، بلا تفاوت أصلا، فإذا قال: " صل المغرب ثم صل بعدها أربع ركعات نافلة لها " لم يكن المستعمل فيه والمفهوم من هيأة الأمر في الموردين إلا معنى واحدا، هو البعث إلى إتيان صلاة المغرب والى إتيان الركعات الأربع، بلا أي فرق بين مفهوم الهيأة فيهما.
وعليه فالحق أن هيأة الأمر موضوعة لنفس البعث، وهو أمر مشترك متحقق في الواجبات والمندوبات.
وبعد ذلك يقع الكلام في أنها هل لا تكون ظاهرة في الوجوب أيضا أو تكون؟
والحق هو الجواب عليه بالإثبات، إلا أنه لا بدليل الانصراف المذكور في الكفاية إلى خصوص الوجوب لغلبة الاستعمال فيه، أو لغلبة الوجود، أو لأكمليته، فإن الكل كما ترى، لمنع صغرى الغلبة في الأولين، ولمنع الصغرى والكبرى في الأخير، فإن مفاد الهيأة - كما عرفت - هو البعث، ووجوده في الوجوب والندب على السواء، فإن البعث الذي هو مفاد الهيأة بعث مصداقي ومعنى حرفي، ليس من قبيل الكليات ذوات التشكيك ليكون بعض مصاديقه أكمل من آخر، بل ليس معناها إلا تحريكا تنزيليا، ووجوده على السواء في كلا الموردين.
ثم لو سلم التشكيك وأكملية البعث الإيجابي فمجرد الأكملية لا توجب