ثم إنه لو سلم كون الإرادة في الواجب فعليا قبل حصول شرطه وان الحكم عبارة عن الإرادة المظهرة، كان الاشكال أيضا باقيا غير مندفع وان زعم بعض أهل التحقيق ان الاشكال يندفع به، لان الإرادة المتعلقة بشئ كما انها لا تؤثر في البعث نحو ذيها للاشتراط بالنحو الذي التزمه لان الشرط غير حاصل، كذلك لا يمكن ان تؤثر في البعث نحو مقدماته ومجرد وجود الإرادة الفعلية كذلك، لا يكفي في البعث نحو المقدمات مطلقا، فالاشكال مشترك الورود بينه وبين المشهور (وان شئت قلت) لو سلمنا صحة ما ذهب إليه من حصول الإرادة في الواجب المشروط قبل حصول شرطه لكن يبقى الاشكال بحاله أيضا لان ظواهر كلماته كغيره هو القول بشوء إحديهما عن الأخرى على نحو العلية في الايجاد، ومن المعلوم ان المعلول يتبع عليته في السعة والضيق لكونه من شؤنها، فلو فرضنا ان الإرادة لا يمكن لها التأثير بالبعث فعلا نحو المراد وذي المقدمة، فكيف يمكن نشوء إرادة منها إلى المقدمات على خلاف علتها ومنشئها (ومن تقسيمات الواجب تقسيمه إلى المعلق والمنجز) هذا التقسيم صدر عن صاحب الفصول لدفع الاشكال في المقدمات المفوته التي سبق البحث عنها انفا حيث قال: إن الوجوب إذا تعلق بالمكلف به، ولم يتوقف على أمر غير مقدور كالمعرفة يسمى منجزا، وما تعلق وتوقف حصوله في الخارج على أمر غير مقدور كالوقت في الحج يسمى معلقا (انتهى)، والظاهر أنه لا اشكال في امكانه ووقوعه في أوامر الموالى العرفية ولكن استشكل عليه بأمور لا طائل تحتها عدا ما حكاه المحقق الخراساني عن بعض أهل النظر وأوضحه وفصله بعض الأعيان من المحققين في تعليقته الشريفة، وحاصله ان النفس في وحدتها كل القوى، وفي كل مرتبة عينها، فإذا أدركت في مرتبة العاقلة فائدة الفعل تجد في مرتبة القوة الشوقية شوقا إليه، وإذا لم تجد مزاحما تخرج منها إلى حد الكمال الذي يعبر عنه بالقصد والإرادة، وينبعث منها هيجان في القوة العاملة ويحرك العضلات، ومن الواضح ان الشوق وان أمكن تعلقه بأمر استقبالي، الا ان الإرادة لا يمكن تعلقها بأمر استقبالي، والا يلزم تفكيك العلة التامة عن معلولها أعني انبعاث القوة العاملة المنبثة في العضلات، واما الشوق المتعلق بالمقدمات بما هي مقدمات فإنما يحصل من الشوق إلى ذيها لكنه فيها يحصل إلى حد الباعثية لعدم المزاحمة، دون ذي المقدمة
(١٨١)