وقد ذكر لها معان متعددة اخر، هي - كما في الكفاية (1) - من قبيل اشتباه المصداق بالمفهوم، والأمر سهل.
وكيف كان فظاهر جمع أن الأمر بالمعنى الأول مفهومه الطلب، وإن كان طلبا خاصا - كما يستفاد من الجهات الآتية - إلا أن الحق أن مفهومه في العرف لا يرادف الطلب، بل هو مرادف عندهم للفظة " فرمان " و " دستور "، أو " فرمان دادن، دستور دادن " بالفارسية، وفيه معنى المصدر تارة، واسمه أخرى.
وكيف كان فلا يعتبر في صدق معناه أن ينشأ بالقول فضلا عن القول المخصوص، أعني هيأة الأمر، بل الإنشاء بالإشارة أو الكتابة أيضا يوجب صدق الأمر، ويشهد لذلك كله ملاحظة مرادفه بالفارسية.
الجهة الثانية:
قد عرفت آنفا أن الأمر يرادفه بالفارسية " فرمان " والظاهر أن مجرد العلو لا يكفي في صدق عنوانه، بل لابد وأن يكون صدوره إعمالا لجهة علوه فأمير الجند إذا بعث الجندي إلى عمل إعمالا لأمارته فهو أمر، ولعله المراد بالاستعلاء.
وأما إذا طلب منه شيئا بما أنه أخوه في الدين أو النسب فلا يصدق عليه الأمر.
بل ليس ببعيد أن يقال: إن الرجل الداني إذا استعظم نفسه واستخف من هو فوقه أو يساويه فطلب منه شيئا يصدق على طلبه هذا عنوان الأمر، وإطلاق الأمر على طلبه عند تقبيحه إطلاق حقيقي غير مبتن على تجوز ولا ادعاء، والشاهد عليه مراجعة الارتكاز العرفي، وتبادر المعنى العام من لفظ " الأمر ". نعم، إن العلو الذي يدعى اعتباره يكفي فيه العلو الدنياوي، وملاكه أن يعد عند العرف بماله من المرتبة ممن له أن يأمر، وكيف كان فالأمر سهل، لعدم ترتب ثمرة أصولية على هذا البحث، لأن الأوامر المذكورة في أدلة الأحكام واجدة لشرط العلو والاستعلاء كليهما، كما هو واضح، فالبحث لغوي محض.