الأمارة المعتبرة أيضا حجة على أن الامارة السابقة في ظرفها كانت على خلاف الواقع، فيجب ترتيب آثار عدم مطابقتها للواقع من أول الأمر عليه.
فمنه تعرف أنه لا فرق بين الموارد والأمارات أصلا، ولعل اشتباه أمر القطع بالأمارة أوجب أن استدل المحقق العراقي (قدس سره) على عدم الإجزاء في صورة تبدل الرأي بوجه آخر، وهو: أنه ينكشف بذلك عدم تحقق الطريق المجعول، فلم يكن في البين ما يوهم التدارك ليقال بالإجزاء (1). انتهى.
وأنت خبير بأن رأيه الأول إن استند إلى مقدمة قطعية كالقطع بالظهور التركيبي فانكشف خلافها كان من باب كشف الخلاف في القطع، وإن كان مستندا إلى مقدمة ظنية انكشف خلافها فهو من باب انكشاف الخلاف في الطريق المجعول، فلم يفترق تبدل الرأي عن غيره، والله العاصم.
تذنيبان:
الأول: إذا قطع بحكم تكليفي أو خصوصية المأمور به من عدم جزئية شئ، أو عدم شرطيته، أو عدم مانعيته، فعمل بمقتضى قطعه ثم زال قطعه: فإن تبدل بقطع آخر على خلاف الأول أو قامت الأمارة على خلافه فمقتضى إطلاق دليل الأمر الواقعي المنكشف بالقطع أو الأمارة لزوم الإتيان بالواقع في الوقت وخارجه، ولو لم يكن له إطلاق وإنما كان القدر المتيقن منه لزوم الواقع حين القطع به أو قيام الأمارة عليه، فالمرجع في لزوم الإعادة والقضاء هو الأصول العملية، والظاهر أن مرجع الشك بالنسبة إلى الإعادة إلى التعيين والتخيير، وبالنسبة إلى القضاء إلى الشك البدوي، وقد مر تفصيل الكلام عند تحرير الأصل في الشك في السببية والطريقية، فلا نعيد.
وإن تبدل بالشك من غير قيام أمارة فقد يجب الاحتياط فيما علم بوجوب المقطوع أو عدله، وأما فيما لم يلزم علم إجمالي بل احتمل صحة تطبيق قطعه فلا شك في إجراء البراءة في زمان الشك، ونتيجته الإجزاء.