الوجوب المقدمي، بل هو ناظر إلى ما في صدر البحث عن الأصل، وأنه لو كانت الدعوى ومحل النزاع خصوص الملازمة في مقام الواقع وقبل مرحلة التنجز فلا يمكن اثبات بطلانها بإجراء أصل عدم الوجوب، إذ تلك الملازمة لا تنافي انفكاكهما في مقام الفعلية المتقومة بالوصول، حتى يثبت عدمها بعدمه، وهذا بخلاف ما إذا كانت الدعوى عامة لهذا المقام أيضا، فإن ملازمتهما فيه منافية لعدم فعلية وجوب المقدمة باستصحاب عدمه بعد فرض فعلية وجوب ذيها، وحينئذ يصح التمسك بالأصل في اثبات بطلان هذه الدعوى، وعليه فلا يرد على الكفاية شئ، ولقد أشار إلى ما ذكرنا في ذيل نهاية الدراية، فهذا توضيح لما أفاد " قدس سره الشريف ".
فإذا عرفت هذه الأمور فهل الملازمة ثابتة؟
قد استدلوا على ثبوتها بوجوه: أقواها دعوى الوجدان، ببيان أنه حاكم بأنه إذا أراد الانسان شيئا من الغير، بمعنى تعلق حبه الأكيد بصدوره منه، وكان له مقدمات، والتفت إليها والى مقدمتيها، فلا محالة يحبها ويريدها أيضا حبا وإرادة غيرية، وهذه الإرادة والحب موجود فيما إذا كان المولى بصدد جعل الوظيفة والقانون أيضا، بحكم الوجدان. هذا.
أقول: إن المطلب كما أفيد بالنسبة إلى تعلق الحب الغيري بالمقدمات، لكنه لا يتم في الوجوب المنتزع عن مقام اظهار هذا الحب بالبعث نحو المحبوب، فإن الحب صفة نفسية يحصل عند تمامية مباديه، وهي ما يوجب ادراك قيام الغرض المرغوب فيه بالشئ، فإن النفس بعد التصديق بوجوده في شئ تميل إليه وتحبه، وليس هذا فعلا من الافعال حتى يحتاج إلى ترتب غاية، بل هو أمر قهري يحصل للنفس عند حصول مباديه، وأما البعث نحوه فهو بحكم هذا الوجدان ليس أمرا قهريا من النفس وآلاتها، بل لابد فيه من ترتب غرض عليه، وإذا فرض البعث النفسي نحو ذي المقدمة فلا وجه للبعث إلى مقدمته بداعي ايجادها، إذ ذلك البعث