الاستدلال بها بملاحظة أنها - بعد عدم اختصاصها، بالأعمال الخيرية والواجبات الكفائية التي ينتفي موضوعها بإتيان أول من يأتي بها، وشمولها لطبيعة نوعية من الخير يكون الكل مكلفين بها - تدل بالالتزام على مطلوبية السرعة إلى المغفرة والخير، وأنهما مما يحب الشارع إتيانها بالسرعة مهما أمكن.
مضافا إلى ما في آية المغفرة: من أنه موقوف على وجود ذنب حتى يتصور المغفرة، وعلى انحصار الطريق بإتيان المأمور به، وإلا فالتوبة أيضا طريق إلى تحصيل المغفرة، فلا تدل على وجوب إتيان المأمور به بالخصوص.
وأورد عليه في الكفاية بوجهين لا يخلوان عن المناقشة:
إذ يرد على أولهما - المبني على وحدة المطلوب -: أن النسبية ان يكون الترغيب إلى عمل يرغب إليه بذكر ما يترتب عليه بلسان التحذير عما يترتب على تركه من العقاب، لا بلسان الترغيب إلى ما يترتب على فعله من الثواب بملاحظة أن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ليست بمثابة توجب صرف هيأة الأمر عن ظاهرها أو حكمها من الوجوب.
ويرد على ثانيهما: أن المفهوم من الآيتين البعث نحو المغفرة والخير بما أنهما مغفرة وخير، وهذه الحيثية لما كانت موجودة في كل أمر مستحب أو واجب موسع فعدم وجوب الفور فيهما لا يوجب تخصيصا عرفا في إطلاق المغفرة وعموم الخيرات، بل إن كان ولابد من التصرف فإنما يتصرف في ظهور الأمر في الوجوب.
ومن هنا يمكن الجواب عن الآيتين بوجه ثان: هو أنه لما لم يمكن تخصيص المغفرة والخير، وكان في الخيرات مالا يجب إتيانه فضلا عن فورية إتيانها، ففيها مالا يجب فوريتها، ووجود هذين القسمين في الخيرات بديهي واضح لكل من له أدنى تماس بأحكام الإسلام فضلا عن المسلمين أنفسهم، فإذا القي إليهم أن أسرعوا أو استبقوا إلى الخيرات لم يفهموا منه إلا بعثا ندبيا لا حجة فيه على الوجوب أصلا وهذا وجه متين لعله يؤول إلى ما في كلام بعض أعيان المحققين