ما هو عليه في الواقع من النظافة والقذارة، لكنه حكم عليه بأنه طاهر حكما، فيحكم عليه بجميع أحكام الطاهر الواقعي، ومن أحكام الطاهر الواقعي أنه شرط في الصلاة، فيحكم عليه به أيضا، وهذا الحكم ثابت له في زمان الشك، فإذا صلى فيه كانت صلاته واجدة لشرطها، فإذا علم أنه قذر يرتفع عنه هذا الحكم من زمان كشف الخلاف، لاما قبله، فصلاته السابقة الواقعة فيه صحيحة واجدة لشرطها، فما حكم به عليه - أعني الشرطية - لم ينكشف خلافه، وإنما انتهى أمده فارتفع عنه ببلوغ أجله.
وهذا الأخير هو الظاهر من أمثال العبارة، كما لا يخفى، ومقتضاه الإجزاء في الوقت وخارجه كما عرفت.
وأما الاحتمال الثاني فهو في كمال البعد، فإنا لا نفهم من النظافة إلا مفهوما واحدا هي التي في مقابل القذارة، وقد أريد منها بمقتضى وضعها هذا المفهوم الواحد هنا أيضا، غاية الأمر لما لم يمكن كونها بلا تعبد وتأول لمكان احتمال القذارة فيه - المفروض بحسب ظاهر العبارة - فلا محالة يراد منها هذا المعنى بتأول وتعبد، وكون التعبد بأن أحد الاحتمالين موجود أيضا مما لا نفهمه من العبارة بارتكازنا العرفي، بل لا نفهم منه إلا محكوميته بجميع أحكام الطاهر الواقعي، فيتعين الاحتمال الأخير ومقتضاه الإجزاء.
نعم، لو كان المراد به الاحتمال الأول لما كان موجبا للإجزاء، إذ مفاده وما تعبد به الشارع أن الواقع هنا موجود، والتعبد ينتهي بهذا المقدار. ثم إن لازم وجوده والمتفرع على وجوده الواقعي المحكوم به تعبدا هنا، لما كان ترتب آثاره فلذا يحكم عليه بها، فالحكم بترتب الآثار عليه إنما هو لمكان أنه موجود وتفريع عليه، لا أن الشارع حكم عليه تعبدا بأحكام الواقع، بل إنما أوجب الشارع البناء على وجوده فقط، فيترتب عليه الآثار تبعا لوجوده وتفريعا عليه، فإذا انكشف الخلاف وأنه لم يكن موجودا انكشف أن البناء العملي لم ينطبق على الواقع، وأنه في الواقع لم يكن محكوما بتلك الأحكام، وإن أجريناها عليه تفريعا على وجوده