مصداقا لتمام الطبيعة المأمور بها، لا لبعض مراتبها، ولازمه وفاؤه بتمام مصلحة العمل الاختياري فيسقط الإعادة والقضاء، ثم أورد عليه بوجهين:
حاصل الأول: أن ظهور دليل الاضطرار في وفائه بتمام المصلحة في غاية المتانة، إلا أنه يعارضه ظهور أدلة الاختيار، فإن ظاهر تعليق الأمر بخصوصية العمل الاختياري تعلق الإرادة والأمر المولوي بها، وهو لا يكون إلا إذا كانت دخيلة في حصول المصلحة، إذ لو كان الاضطراري أيضا وافيا بهذه المصلحة لكان الجامع بين الاختياري والاضطراري هو القائم بالمصلحة، ولما كان لخصوصية الاختياري دخل فيها فلم يكن وجه لتعلق الأمر المولوي بها، وهو خلاف ظاهر دليل الاختياري.
وبالجملة: فظاهر الأمر المولوي بالخصوصية أن العمل الاضطراري غير واف بالمصلحة، وهو معارض لظهور دليل الاضطراري في وفائه بها، وحيث إن ظهور الهيأة في تعلقها بالخصوصية بمفادها المولوي يكون بالوضع، وظهور دليل الاضطراري بالإطلاق يقدم ظهور الهيأة عليه.
وحاصل الثاني: أنه لما كان ظاهر أدلة الاختيار وجوب الخصوصية بأمر مولوي فيدل على وجوب إتيانها مهما أمكن، ولازمه حفظ القدرة ورفع الاضطرار الحاصل، فلها نظر إلى رفع موضوع دليل الاضطرار، وليس لدليله هذا النظر بعد ما كان وجوبه غير تعييني بمقتضى البدلية، فدليله محكوم أدلة الاختياري (1). هذا.
وفيه أولا: أن الصحيح في تقريب الإجزاء في هذا القبيل ما عرفت من أنه مقتضى الجمع بين الأدلة، سواء أكان الاضطراري وافيا بالمصلحة أم لا، ولابد وأن يكون نظر الفقيه والأصولي دائما إلى مقتضى الأدلة فإنها بابنا إلى تشخيص أحكام الشريعة، وما لنا ومصالح الأحكام؟
وثانيا: أن تسليم دلالة أدلة الاضطرار على وفائه بجميع المصلحة بلا وجه،