فإنه يرد عليه أولا: أنه لا حاجة إليه مع تعدد الواضع أصلا، فإن كلا من الواضعين حين وضعه إنما يتعهد بذكر اللفظ الذي يضعه عند إرادة تفهيم الموضوع له، ثم بعد الاختلاط يستعمل اللفظ لإرادة كلا المعنيين، فلا حاجة إلى رفع اليد المذكور.
وثانيا: أنه على القول بالتعهد، فإنما يتعهد الواضع أنه مهما أراد هذا المعنى الخاص يذكر هذا اللفظ، وهو لا يقتضي إلا الالتزام بذكر هذا اللفظ عند إرادة المعنى المذكور، ولا يقتضي أن لا يذكر هذا اللفظ عند إرادة معنى آخر.
وبالجملة: فما ذكره إنما ينفي الترادف، لا الاشتراك اللفظي.
الأمر الثاني عشر استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى والمراد به: أن يراد كل واحد مستقلا، كما إذا لم يستعمل إلا فيه، فكان هذا مرادا من اللفظ مستقلا وبنفسه، وذاك كذلك أيضا، لا أن يراد منه معنى واحدا قد اشتمل على جزءين، كالدار تنحل إلى بيوت وجدران وغيرها.
والأقوال فيه منعا وجوازا مختلفة، والحق المنع عنه مطلقا عقلا كما هو مختار الكفاية، لا لأن اللفظ بتمامه وجود لفظي لكل معنى يراد منه مستقلا، فإذا أريد به معنى فليس لنا بعده شئ ليكون وجودا لفظيا لمعنى آخر (1)، فإن كون اللفظ وجودا اعتباريا للمعنى أمر شعري لا يقبله العرف، ولا ينظر إليه استعمالاته.
ولا لأن الاستعمال حيث كان محتاجا إلى لحاظ المعنى المستعمل فيه فإرادة معنيين مستقلا تستلزم لحاظهما معا وهو غير ممكن عقلا (2)، فإن الجمع بين أمور متعددة للنفس في آن واحد أمر ممكن واقع كثيرا، كما في الحكم على موضوع القضية بمحمولها لا سيما إذا كان له متعلقات كثيرة، فإنه يتوقف على التفات النفس إلى الموضوع والمحمول بما لهما من الملابسات في آن الحكم كما هو واضح.