حتى يؤتى به بداعية.
كما أنه لو قلنا: بطرو ضيق على الطبيعة المأمور بها بحيث لا تشمله بما أنها مأمور بها لما أمكن إتيانه بداعي أمر كليها، إذ لا أمر بالكلي الشامل له بخلاف الفرد غير المزاحم. نعم، يصح حينئذ إتيانه بداعي قيامه بملاك المأمور به، لكنه خروج عن هذا الجواب، وخلف فرض احتياج العبادات إلى الأمر.
ومنه تعرف النظر فيما أفاده في الكفاية، وإن شئت توضيح النظر بأزيد منه فراجع نهاية الدراية. هذا كله في الطريقين الأولين من الأجوبة.
وأما الأخيران فمرجعهما إثبات الأمر بالعبادة، فتصح ولو سلمنا توقف صحتها على تعلق الأمر بها، والفرق بينهما أنفسهما أن أولهما راجع إلى إثبات الأمر بالضدين كل في عرض الآخر وبلا قيد، وثانيهما يرجع إلى تعلق الأمر بالمهم في طول الآخر ومشروطا بعصيانه.
أما الأول: فهو الذي أبدعه سيدنا العلامة الأستاذ الأعظم " مد الله تعالى ظلاله، وأدام بركات وجوده الشريف " وقد بينه - مد ظله - بتقديم مقدمات:
الأولى: ما حاصلها أن متعلق التكاليف ليس العمل بوجوده الخارجي، بل هو بوجوده العنواني والمفهومي، وذلك أن الخارج لا يمكن تعلق الأمر بايجاده، لامتناع ايجاد الموجود، بل الخارج ظرف السقوط لا الثبوت. " انتهى ".
أقول: والحق في نظري القاصر هو تعلق الأوامر والنواهي وساير الأحكام بالموجودات الخارجية، كما مرت إليه الإشارة، وبيانه موكول إلى المبحث التالي.
إلا أن تحقيق هذه المهمة هاهنا غير موقوف على عدمه، بل أساسها على التحقيق اثبات الفرق بين التكاليف الشخصية والقانونية، وسيتضح إن شاء الله تعالى.
الثانية: أن المستفاد من ظواهر الأدلة عموماتها واطلاقاتها أن خصوصيات افراد الطبيعة المأمور بها ليست متعلقة للتكاليف، بداهة أن مفاد الاطلاق أن الأمر تعلق بنفس الطبيعة، كطبيعة الصلاة - مثلا - أو بفرد منها بما أنه فرد واحد ومحقق للطبيعة الموصوفة بالوحدة، في مثل: أعتق رقبة، ومفاد العموم وإن كان تعلق