فبملاحظة هذه الملازمة لا يمكن للمكلف إتيان الأهم إلا بترك المهم، فكأنه في هذا الظرف مبعوث - من ناحية وجوب الأهم - نحو ترك المهم، وهو لا يجتمع مع البعث نحو فعله.
وأما ما في نهاية الدراية (1) من الإيراد عليه: بأن إطلاق أمر الأهم يقتضي وجوب سد عدمه الملازم لوجود المهم، وعدمه الملازم لعدمه، فهاتان حصتان متقابلتان لا يمكن البعث نحوهما.
ففيه أولا: أن المبعوث إليه هو سد باب نفس عدم الأهم، وليس بعثا نحو ما يقارنه أحيانا، فكل ما يلازم سد باب عدمه لا يمكن البعث إلى نقيضه، وهو ما ذكرنا، وأما ما يلازم عدمه فليس الأمر بسده أمرا بسده أيضا، حتى يكون الأمر بسد عدمه الملازم لوجود المهم أمرا بسد وجود المهم وايجابا لتركه، وبسد عدمه الملازم لعدم المهم أمرا بسد عدم المهم وايجابا لفعله، فيتناقضان، والوجه في ذلك كله أن طلب أحد المتلازمين لا يلزمه طلب الآخر، وإنما يلزمه أن لا يطلب نقيض الآخر.
وثانيا: أن ما ذكره (قدس سره) من تقابل الحصتين ليس من لوازم ترتب الأمر بالمهم، بل من لوازم اطلاق الأمر بالأهم، فلو سلم ما ذكره لكان اللازم عدم امكان الأمر نحو شئ أصلا، إذ اطلاقه شامل لما إذا وجد أمر آخر أم لم يوجد، وبعبارة أخرى هو باطلاقه أمر بسد عدمه الملازم لوجود شئ مفروض، والملازم لعدمه، فيحصل حصتان متقابلتان، وهو ما ذكره من المحذور.
الثالث: ما في تقريرات المحقق النائيني (قدس سره) وقد عدوه أحسن تقرير للترتب، وقد رتبه على مقدمات نذكرها مع ما عندنا ذيل كل مقدمة، فالأولى: أنه لا ريب في أن المحذور في الأمر بالضدين كليهما إنما هو ايجاب الجمع بين الضدين، وهو طلب للمحال - ومراده (قدس سره) أنه يلزم اجتماع امتثالهما في زمان واحد، كما يستفاد من مطاوي كلماته، وصرح به في المقدمة