موضوع الحرمة فيه - كما صرح به المسالك - هو * (أمهات نسائكم) *، وهو ليس مشتقا اصطلاحيا، ولا جامدا فيه معنى المشتق، بل إنما هو معنى نسبي مستفاد من هيأة الإضافة، أعني إضافة " نساء " إلى الضمير، فأجروا في مثلها نزاع المشتق، مع أنة ليس منه في شئ فمنه يعلم جريانه في مثل الزوج والرق والحر من الجوامد المتضمنة معنى اشتقاقيا.
الثاني: أن المراد بالمشتق هو خصوص ما يجري منه على الذوات، كما يهدي إليه عنوان البحث بأنه هل هو حقيقة في خصوص ما تلبس بالمبدأ، أو يعمه وما انقضى عنه المبدأ، فإنه مختص بماله مفهوم ينطبق على الذات التي تارة تتلبس بالمبدأ، وتارة ينقضي عنها المبدأ، وهكذا، لكنه مطلق يعم جميع الأسماء المشتقة، كاسم الفاعل، والمفعول، والصفة المشبهة، وأفعل التفضيل، وغيرها، فيعم اسم الزمان أيضا.
إلا أنه ربما يشكل عمومه له، بأن موضوع البحث إنما هو ما كان ذات المتلبس باقية بعد انقضاء الوصف والمبدأ عنه، ومتحققة، قبل التلبس به، لكي يتصور الكلام عن كون إطلاق المشتق عليه حقيقة أو مجازا، والذات في اسم الزمان - وهي الزمان - بنفسها تنقضي وتتقدم، فلا ذات كي يجري النزاع في أن إجراء المشتق عليها حقيقة أو مجاز.
لا يقال: لنا أن نأخذ الزمان فيه قطعة أوسع مما يحتاج إليه وقوع الفعل، كاليوم - مثلا - لفعل القتل، الذي لا يحتاج إلا إلى جزء منه صغير، فبعد مضي هذا الجزء فالذات - وهو اليوم - باقية، قد انقضى عنها المبدأ، كما أنه قبل وقوع القتل متحقق، ولم يتلبس بعد بالمبدأ، فيتصور النزاع فيه.
لأنا نقول: لا ينبغي الريب في أن تلبس الزمان بكونه ظرف زمان للفعل يكفي فيه وقوع الفعل في جزء منه، ولا يشترط فيه أن يغشى الفعل جميع أجزائه، ففي المثال يكون اليوم متصلا حقيقة بمجرد وقوع القتل في جزء منه، ولا يضر به أن القتل أمر آني الحصول لا يغشى جميع أجزائه، فمضي القتل لا يوجب انقضاء