لكونهما نكرتين في سياق الإثبات لا عموم فيهما لغة، بل مطلقا ينصرفان بحكم التبادر إلى الملتزم منهما بشرائط الذمة، ولذا يقابلان في إطلاق الفتاوى والنصوص بالحربي، مع أنه أحد أقسامهما على بعض الوجوه، كما ذكره، وليس ذلك إلا لما ذكرناه من ظهور اللفظتين في الملتزم بالشرائط خاصة.
هذا، مضافا إلى الأصل المتقدم في اشتراط القبول من عدم الانتقال وتوقفه على الدليل، وهو مفقود في هذا المجال، لما عرفت، ولأن الوصية تمليك للعين أو المنفعة للموصى له، وصحتها هنا فرع قابلية الحربي للتمليك له، وهي غير معلومة، سيما مع ما ذكروه من أن أمواله فئ للمسلمين لهم أخذها بعد الاستيلاء عليها.
وبما ذكرنا استدل على المنع هنا وفي الوقف له جماعة من أصحابنا، فقالوا: ولأن مال الحربي فئ للمسلمين فلا يجب دفعه إليه، لأنه غير مالك، فلو جازت الوصية لهم لكان إما أن يجب على الوصي دفعه إليه، وهو باطل لما تقدم، أو لا يجب، وهو المطلوب، إذ لا معنى لبطلان الوصية إلا عدم وجوب تسليمها إلى الموصى له.
وأما ما اعترضه به في المسالك بأن فيه منع استلزام عدم وجوب الدفع للوصية بطلانها، لأن معنى صحتها ثبوت الملك إذا قبله، فيصير حينئذ ملكا من أملاكه يلزمه حكمه، ومن حكمه جواز أخذ المسلم له، فإذا حكمنا بصحة وصيته وقبضه الوصي ثم استولى عليه من جهة أنه مال الحربي لم يكن منافيا لصحة الوصية، وكذا لو منعه الوارث لذلك وإن اعترفوا بصحة الوصية وتظهر الفائدة في جواز استيلاء الوصي على الموصى به للحربي فيختص به دون الورثة، وكذا لو استولى عليه بعضهم دون بعض حيث لم