كيف لا! وهي في المقام أول الكلام، وثبوتها في العتق بالدليل لا يوجب ثبوتها هنا، إلا بالقياس المحرم عندنا.
وأما القول بالتفصيل في القبول بين الوقف على من يمكن في حقه كشخص معين أو أشخاص معينين فيشترط لما ذكرناه، وبين الوقف على غيره ممن لا يمكن في حقه كالمسلمين فلا يشترط، لانتقال الوقف فيه إلى الله سبحانه، والقبول فيه غير متصور، كما في الشرائع (1) والمسالك (2) والروضة (3) وتبعهما جماعة. فضعيف، لما مر، وعدم تصور القبول منه سبحانه لا يوجب عدم اشتراط القبول من أصله، فقد يكون القابل الناظر أو الحاكم ومنصوبه، كما صرح به مشترطه على إطلاقه.
وبالجملة: الموافق للأصول اشتراطهما مطلقا، مضافا إلى الإجماع المنقول في الثاني.
نعم ربما كان الأوفق بالأصل عدم اشتراط القربة إن قلنا باعتبار القبول، إذ بعد حصوله يكون عقدا يجب الوفاء به واشتراطها منفي حينئذ بأصالة عدمه، إلا أن إجماع الغنية على اشتراطها (4) حجة شرعية، لا مسرح عنها ولا مندوحة، وتكون ما قدمناه من الأصول له معاضدة شاهدة وإن لم تكن في مقابلة ما دل على لزوم الوفاء بالعقود حجة مستقلة، بل هي به مخصصة.
هذا، وفي المعتبرين أحدهما الصحيح (5) والثاني الموثق: لا صدقة ولا عتق إلا ما أريد به وجه الله تعالى (6).
والمستفاد من تتبع الأخبار الكثيرة إطلاق الصدقة على الوقف كثيرا،