أما الأول: فلأنه أمين، وقد قبض المال لمصلحة المالك، فكان محسنا محضا كالودعي.
وأما الثاني: فلما مر من الأصل، وعموم الخبر.
وأما ما ذكره في الروضة من أنه يضعف الأول بأن الأمانة لا تستلزم القبول كما لا تستلزمه في الثاني مع اشتراكهما في الأمانة وكذلك الإحسان والسبيل المنفي مخصوص فإن اليمين سبيل (1)، فغير مفهوم، لاستفاضة النصوص باستلزام الأمانة القبول، ولذا تمسك الأصحاب بها له في مواضع، حتى هو بنفسه في الكتاب المذكور في تقديم قوله بالتلف هنا، فقال: لأنه أمين وقد يتعذر، إلى آخر ما ذكرناه، ولم يأت بحجة أخرى غيره، وهو بعينه جار هنا. ولا ينافيه عدم استلزامها إياه في الثاني بالإجماع، فإن العام المخصص حجة في الباقي.
وبه يظهر الجواب عما ضعف به نفي السبيل عليه مع إحسانه من توجه اليمين عليه بلا خلاف، بل إجماعا، كما ادعاه في المسالك (2)، فإن ثبوت مثل هذا السبيل عليه بالإجماع لا ينافي عدم ثبوت غيره عليه، للعموم، إلا على القول بكونه بعد التخصيص غير حجة في الباقي. وهو مع أنه خلاف التحقيق خلاف ما عليه كافة المحققين، كما صرح هو به في حاشية الكتاب المزبور في هذا المقام.
هذا، وقد ادعى في المهذب الإجماع على القبول.
فقال: الأمناء على ثلاثة أقسام: الأول: من يقبل قوله في الرد إجماعا، وضابطه من قبض العين لنفع المالك فهو محسن محض، فيقبل قوله في ردها حذرا من مقابلة الإحسان بالإساءة، واستشكله العلامة من حيث أن الأصل