للكتاب القائم بما فيه هذه الآية كما سيتضح فيما بعد، على أن الثقة بالصدور لا تسلتزم الثقة بالمضمون لعدم التلازم بينهما، وكلامه صريح في ذلك في أول كتابه بعد ذكره للرواية القائلة (ثم خذوا بالمجمع عليه فان المجمع عليه لا ريب فيه)، (ونحن لا نعرف من ذلك إلا أقله ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم وقبول ما وسع من الامر فيه بقوله: بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم (1)) فردها إلى العالم - مع تعارض مضمونها - والتخيير بينها واخذ أحدها من باب التسليم، كل ذلك مما يدل على أن ثقته بالصدور لا تستلزم الثقة بمدلول الأحاديث والتعبد بها، نعم ما يختاره منها لعمله ملزم بالأخذ به من باب التسليم، وما يدرينا هنا بأي القسمين من الاخبار المتعارضة قد أخذ لنحمله مسؤوليته، هذا إن لم نقل في أنه قد طرح تلك الأخبار الشاذة لمخالفتها للكتاب.
فرواية هذه الأحاديث في الشواذ النوادر من كتابه وتعارضها في مروياته ولزوم طرحها بالنسبة إلى منهجه الذي رسمه وعدم التلازم بين الايمان بالصدور - لو آمن بصدورها - وبين الايمان بمضمونها، كل ذلك مما يوجب القطع بطرحه لهذه الاخبار وإيمانه بعدم التحريف.
على أن التحريف لو كان مذهبا له لما صح دعوى الشيخ كاشف الغطاء وغيره اجماع الامامية على عدم التحريف ومثل الكليني ممن لا يتجاهل أمره عادة، ومن الطريف ما ورد من الشيخ أبي زهرة وهو يقارن بين الكليني والسيوطي صاحب الاتقان، ودفاعه عن الأخير بأن روايته لأحاديث التحريف إنما ذكرها في مقام بيان ما نسخ منها تلاوة، مع أنه ذكر قسما منها في هذا الموضع، وأقساما أخرى في مواضع أخر لا